الاجتناب من باب المقدمة العلمية للعلم الاجمالي الأول في الأول وللعلم الاجمالي الثاني في الثاني.
وممّا ذكرنا في الشق ظهر : ما في ملاقي أحد المشتبهين من الأقسام المختلفة بحسب ما لها من التكليف بوجوب الاجتناب وعدمه.
بيانه : انّ للملاقي أقساما بحسب الاجتناب في بعضها دون بعض.
منها : ما لم يكن العلم بالملاقي ( بالكسر ) والملاقاة مقارنا للعلم الاجمالي بوجود فرد من النجاسة بين الملاقي ( بالفتح ) وطرفه بل كان العلم بوجوده بعد ذاك العلم سواء حصل الملاقاة بعده أو كان من قبل ولم يعلم بوجوده إلى ما بعد العلم المذكور.
وحكمه في هذه الصورة عدم وجوب الاجتناب وعدم تنجز التكليف بالنسبة إليه على تقدير مصادفة كون ملاقاه هو الحرام ، حيث انّه على ذاك التقدير فرد آخر من النجاسة مغاير لملاقاه ولا يكون ملازما معه في التنجز وان كانت نجاسته ناشئة من قبله كما في حكم فرد من النجاسة مع فرد آخر لعدم ملاك التنجز فيه كما كان في ملاقاه ـ وهو المقدمية للفرد المعلوم بالاجمال من النجاسة ـ لوضوح انّه على تقدير الاجتناب عن الطرفين يحصل الامتثال بالنسبة إلى الفرد المعلوم وان لم يحصل الاجتناب عن الملاقي ، والفرض انّه لا علم تفصيلا بنجاسته أيضا ولا كان من أطراف العلم الاجمالي الأول ، والعلم الاجمالي بنجاسته أو طرف الملاقي لا تأثير له بعد عدم تأثيره في الطرف ، فيبقى مشكوكا بدويا محضا.
والحاصل : انّه لا وجه لوجوب الاجتناب عن الملاقي في هذا القسم إلاّ ما تخيل من كونه لازما لوجوب الاجتناب عن ملاقاه ، بناء على انّ وجوب الاجتناب عن الشيء يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيه أيضا كما استدل السيد أبو المكارم