في الغنية (١) على تنجس الماء القليل بملاقاة النجاسة بما دلّ على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى : ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ). (٢)
وفيه : انّه ان اريد منه الملازمة الواقعية ، بأن يكون الاجتناب عن الملاقي لا يحصل ولا يتحقّق الامتثال بالنسبة إليه إلاّ بالاجتناب عن ملاقيه أيضا بحيث يكون الاجتناب عنه من مراتب امتثاله ، ففيه :
انّه لا وجه لذلك بعد ما عرفت من كون كل فرد من النجاسة محكوما بحكم على حدة بحيث لا يرتبط الاجتناب عن كل واحد بالاجتناب وان كان حاصلا بسببه. ومجرد كون نجاسته ناشئا من جهة ملاقاته لا يوجب كون الاجتناب عنه عين الاجتناب عنه.
وان اريد منه الملازمة في مقام الاثبات ، بأن يكون الدليل على الاجتناب عن الملاقي ( بالفتح ) وإلاّ على الاجتناب عن الملاقي ( بالكسر ) وان لم يكن بينهما ملازمة واقعية ، ففيه :
مضافا إلى عدم الملازمة بينهما اثباتا ولذا لم يدل الدال على الاجتناب عن المحرمات على الاجتناب عن ملاقيها إلاّ في خصوص النجاسات بدليل خارجي ، انّه : على فرض التسليم يكون ذلك فيما إذا كان الدليل على الاجتناب عن الملاقي لفظيا كي يدل بالملازمة العرفية على الاجتناب عن ملاقيه ، لا فيما كان الدليل عقليا لملاك في خصوص الملاقاة دون الملاقي وهو المقدمية للاجتناب عن المعلوم بالاجمال فانّه كان في خصوص الملاقى دون الملاقي.
وان تمسك بأدلة المشتبهات اللفظية ، ففيه :
مع كونها ظاهرة في الارشاد أو محمولة عليه جمعا بينها وبين أدلة البراءة ،
__________________
(١) غنية النزوع ٢ : ٤٦.
(٢) سورة المدثر : ٥.