من ذلك.
فإذا عرفت ذلك فيظهر : انّه لو علم مقارنا للعلم الاجمالي بطروّ الاضطرار بعد ذلك فلا علم إلاّ بالتكليف في حال الاختيار ، وامّا بالنسبة إلى تكليف حال الاضطرار فلا علم به من أول الأمر فيكون الشك بالنسبة إلى حال الاضطرار شكا في التكليف والفرض انّ التكليف متعدد بحسب الآنات والحالات ، فما علم من التكليف إنّما هو بالنسبة إلى حال الاختيار وامّا بالنسبة إلى حال الاضطرار فلا ، والعلم الاجمالي بالنسبة إلى الأول لا يجدي في التنجز بالنسبة إلى الثاني كما لا يجدي العلم بالتكليف في حال الحضر بالنسبة إلى التكليف في حال السفر ، والشك في حال السفر والاضطرار ليس في سقوط ما علم اشتغال الذمة به سابقا كي يرجع إلى قاعدة الاحتياط اللازم.
فان قلت : انّ الاضطرار إلى مورد التكليف يوجب رفعه كما في صورة الاضطرار إلى أحد الطرفين لا الاضطرار إلى غيره ، فحيث انّه لا علم في صورة طروّه إلى أحدهما المعيّن بطروّه إلى مورد التكليف فيكون الشك في سقوط ما علم به الاشتغال عن الذمة ، فيجب فيه الاحتياط.
قلت : انّ الاضطرار إلى المعين وان لم يوجب انقطاع التكليف ـ إلاّ ان يكون التكليف المعيّن في مورده واقعا ـ إلاّ انّ العلم ابتداء بطروّه في زمان يوجب عدم تعلق العلم بالتكليف الواقعي إلاّ إلى حال طروّه.
وبعبارة اخرى : انّ الاضطرار الطارئ وان لم يوجب تحديد مصدر التكليف الواقعي مطلقا إلاّ انّه يوجب تحديد دائرة العلم بما قبل طروّه ، وقد عرفت انّ التكليف الواقعي متعدد بحسب الآنات فيكون العلم موجبا لتنجز التكليف الثابت قبل الاضطرار لا الثابت بعده وحينئذ فيكون التكليف بعده مشكوكا بدويا رأسا بلا منجز ولو آناً ما ، فيرجع فيه إلى الاصول.