فان قلت : انّ الاضطرار إلى المعين يوجب كون أحد طرفي العلم قصيرا والآخر طويلا فيكون غير المضطر إليه بطوله طرفا للعلم الاجمالي فيجب فيه الاحتياط ولو بعد طروّ الاضطرار إلى الآخر.
قلت : انّ المضطر إليه واقعا لما لم يكن معينا عند المكلف من أول الأمر ويحتمل انطباق الاضطرار إلى أي واحد منهما يلحظه فكل واحد منهما يكون طرفا عند المكلف إلى حد الاضطرار لا أزيد منه.
فان قلت : أيّ فرق بين طروّ الاضطرار إلى أحدهما وبين طروّ سائر ما يوجب زوال العلم الاجمالي من فقدان أحدهما ونحوه يوجب الاحتياط في الثاني دون الأول.
قلت : انّ التكليف في صورة الفقدان لا يكون محدودا ومشروطا واقعا ولا في كونه متعلقا للعلم ، بل العلم في تلك الصورة تعلق بالتكليف التحريمي مطلقا وبلا قيد غير انّه تعلق بالخمر مثلا لوضوح انّ الفقدان ليس من حدود التكليف وان كان لو صادف بموضوعه يوجب ارتفاعه قهرا ، فحيث انّ التكليف مطلق حتى في تعلق العلم به فلا بدّ من العلم باسقاطه عن الذمة إلاّ أن يعلم بسقوطه برفع موضوعه قهرا كما لو فقد الاناءان ، وامّا مع فقدان أحدهما فيكون الشك في سقوط عين ما تعلق به العلم من حرمة الخمر فتكون قاعدة الاشتغال محكّمة ؛ وهذا بخلاف الاضطرار فانّه من حدود أصل التكليف وان كان موضوعه باقيا في البين فمع طروّه إلى أحدهما يكون الشك في التكليف بدويا.
فمحصل الفرق بين صورة الفقدان والاضطرار : انّ الشك في الأول يكون في سقوط ما تعلق به العلم من حرمة الخمر ما دام الخمر في البين ، فما دام لم يعلم بفقدان الخمر فيجب فيه الاحتياط وفي الثاني يكون بدويا في تعلق التكليف غير ما علم اشتغال الذمة به وهو التكليف إلى ما قبل طروّ الاضطرار.