ثم انّ ما ذكرنا من جريان الاستصحاب في الاعتقاديات إنّما هو في غير الشك في بقاء النبوة ونسخ الشريعة على تقدير تحقق الشك في غيره على اشكال في الشرعيات الاعتقادية.
امّا صفة النبوة : فيقع الشك فيها :
تارة : في كونها معنى قابلا للجعل من دون رجوعه إلى جعل الأحكام ووقوع الشك فيها كذلك وعدمه.
واخرى : في حجية مثل هذا الاستصحاب.
امّا الأول : فالظاهر بل المحقق انّ صفة النبوة منصب من المناصب الإلهية قابل للجعل نظير سائر المناصب من الولاية والخلافة ويكون جعله بيد من بيده الجعل والاختراع وهو في مثل النبوّة إليه تعالى وحده ، وله آثار خاصة :
منها : الإخبار وتبليغ الأحكام منه تعالى بلا توسيط بشيء آخر ، سواء كان بالهام منه تعالى أو بإرسال ملك على اختلاف مراتب الأنبياء.
ومنها : الرئاسة المطلقة على من جعل واسطة بينهم وبينه تعالى في التبليغ على اختلاف المراتب أيضا من كونه نبيّا بالنسبة إلى طائفة ولو خصوص أهل بيته بل ولو خصوص نفسه ، أو إلى كثير إلى أن يبلغ جميع أهل زمانه ، في مدة مغياة من الزمان كثير أو قليل أو غير مغيّاة بل إلى آخر الأبد.
إذا عرفت ذلك فاعلم : انّ أصل صفة النبوّة وملكة الرئاسة الثابتة للنبي ـ بالنسبة إلى طائفة أو أزيد ـ قائمة بنفسه الشريفة باقية إلى يوم القيام وغير قابلة للنسخ. نعم إذا ثبت بالنسبة إلى أهل زمان فيمكن أن يقع الشك في ثبوت نبوّته بالنسبة إلى أهل غير ذاك الزمان من الأزمنة المتأخرة. وبعبارة اخرى : يشك في انّ رئاسته بالنسبة إلى الاشخاص الواقعة في زمان خاصّ أو بالنسبة إلى غيرهم الواقعين في المدة المتأخرة أيضا.