فبناء على كون النبوة منصبا خاصا أثره في كل زمان يثبت ذاك المنصب فيه وجوب الاطاعة على أهل ذاك الزمان مع عدم الفرق فيه بين حال الحياة والممات ؛ يجري فيه الاستصحاب.
نعم بناء على كون النبوة معنى قائما بالنفس ناشئا من مجرد قابليتها لافاضة الأحكام عليه بلا جعل تشريعي فيه إلاّ تبعا للجعل التكويني في أصل خلقة النفس فلا يجري فيه الأصل بل لا بدّ من اجرائه في جملة أحكام تلك الشريعة المتقوم بها بقاؤها.
ولكن التحقيق : هو الأول فتكون النبوة معنى قابلا للجعل الاستصحابي فيقع الكلام في قيام الدليل عليه.
ولكنه مشكل :
امّا بناء على كون الاستصحاب من باب الاخبار فلأنّه لا يخلو : فامّا أن يكون في الشرع السابق فالمفروض الشك في نسخه ؛ وامّا ان يكون في الشرع اللاحق فلم يثبت حقّيته فكيف يتمسك بالحكم الثابت فيه؟
وامّا بناء على كونه من باب الظن فلا بدّ من دليل تأسيسا أو امضاء من احدى الشريعتين على حجيته بالخصوص ، وإذ ليس دليل خاص في البين فلا بدّ من دعوى طريقة العقلاء على العمل بالظن ببقاء النبوة السابقة مع عدم ردع النبي لتلك الطريقة.
ولكن هذه الدعوى ـ مضافا إلى عدم صحتها بحسب الصغرى بعد نسخ غالب النبوات ـ غير صحيحة ، لعدم ثبوت الامضاء لا من الشرع اللاحق لعدم ثبوت النبوّة مع انّ ثبوته مساوق لارتفاع الظن والقطع بنسخ الشرع السابق ، ولا من السابق حيث انّ العمل على هذا الظن لم يكن بمرآه وإلاّ لما بقي الشك بحاله ، كما هو واضح.