إذا عرفت عدم حجية هذا الظن بالخصوص فلا بدّ من اجراء مقدمات الانسداد ، ولم يتمّ بالنسبة إلى العمل بالظن وترك العمل بالاحتياط في غير ما يلزم من ترك العمل به اختلال النظام وان لزم منه الحرج في مقام العمل بأحكام الشريعتين لعدم الدليل على نفيه في الشرع السابق بعد عدم ثبوت اللاحق فلا بدّ من الاحتياط بمراعاة أحكام الشريعتين إلاّ فيما لزم منه الاختلال فيرجع إلى الظن.
فظهر مما ذكرنا انّه لا دليل على جريان الاستصحاب في مثل النبوّة ، ولا في مجموع الشريعة التي شك في نسخها.
ومن هنا ظهر : انّ ما يحكى من تمسك بعض أهل الكتاب في مناظرته مع بعض الفضلاء السادة (١) باستصحاب شرعه مما لا وجه له.
توضيحه : انّ غرض الكتابي من التمسك به في مقام المناظرة :
ان كان مجرد الالزام على المسلمين وإفحامهم في مقام الاستدلال ، ففيه :
انّ كل دليل كان متقوما بالامور الوجدانية من اليقين والشك ونحوهما لا يصح الالزام به على أحد كما في المقام ، حيث انّ الاستصحاب كان متقوما باليقين السابق والشك اللاحق فيمن جرى في حقه الاستصحاب فمع إخبار المسلم بقطعه بنبوّة النبي اللاحق ونسخ الشريعة السابقة فكيف يلزم بالاستصحاب؟
فان قلت : لا بدّ في مقام المناظرة من فرض كل من المتخاصمين قطعه بمنزلة العدم وحينئذ فيفرض شاكا فيلزم بالاستصحاب.
قلت : على تقدير تسليم فرض القطع في مقام المناظرة كذلك فانّما هو فيما لم يكن الدليل متقوما بالشك وامّا معه كما فيما نحن فيه فلا.
وبعبارة اخرى : لا بدّ من تسليم الخصم الذي اريد الزامه الدليل الذي يلزم به
__________________
(١) يقول الآشتياني في بحر الفوائد ٣ : ١٥٠ ان السيد المذكور هو السيد باقر القزويني ، وقد ناظر بعض اليهود في بلدة ذي الكفل في العراق.