لكون الشك فيهما في عرض واحد بل الشك فيهما واحد ذو جهتين فله استناد إلى الجزء ويكون من هذه الجهة شكا بعد التجاوز ، وإلى الكل ويكون شكا قبله من هذه الجهة ، فتتعارض الجهتان حكما على تقدير شمول القاعدة لهما ؛ والمفروض انّ صحة الجزء عين صحة الكل من حيث ترتيب الآثار المترتبة على الكل غاية الأمر بنحو من الدخل كما مرّ في استصحاب الجزء والشرط والمانع وجودا وعدما.
وتوهم : عدم تعرض الأخبار للشك قبل الفراغ أصلا أو في الجملة ولو في خصوص ما كان قبل الفراغ عن الجزء والكل معا ، لا للشك قبل الفراغ بالنسبة إلى أحدهما دون الآخر كما في ما نحن فيه.
مدفوع : بثبوت المفهوم للقيد في مقام تحديد القاعدة وضربها كما فيما نحن فيه ، فانّ تحديد القاعدة بما بعد الفراغ يدل على الاعتناء بالشك قبل حصول الفراغ فيحصل التعارض بين الجزء والكل فيما ذكرنا ، فلا بدّ من دفعه باخراج أحدهما عن القاعدة موضوعا ، ولا يصير ذلك في الكل لكونه المتيقن بقرينة الضمير المذكور وبقرينة قوله عليهالسلام : « كلما مضى من صلاتك الخ » (١) بناء على كون كلمة « من » بيانية كما هو الظاهر ، وبعض الأخبار الاخرى ، فلا بدّ من اخراج الجزء.
نعم لو كان الجزء مما كان له عنوان على حدة وكان بنظر العرف شيئا مستقل الوجود والآثار كما في مناسك الحج فالظاهر جريان قاعدة الفراغ فيها بنفسها لو شك في صحتها بعد الفراغ عنها ولو قبل الفراغ عن تمام الحج.
فان قلت : لزم التعارض بين اجرائها فيها ، وبين اجراء قاعدة عدم التجاوز
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٣٣١ الباب ٤٢ من ابواب الوضوء ، الحديث ٦.