الثاني : صفة الكمال والنقص.
الثالث : ملاءمة الطبع ومنافرته.
الرابع : ما لا حرج في فعله ، وما حرج فيه.
ولا خلاف في كون المعاني الثلاثة الأخيرة عقليّة ، وإنّما وقع الخلاف في المعنى الأوّل.
فذهب الأشاعرة إلى أنّهما بهذا المعنى شرعيّان ، ولا سبيل للعقل إلى إدراكهما ، بل موقوفان على أمر الشارع ونهيه ، ولو أمر بالقبيح ينقلب حسنا ، ولو نهى عن الحسن ينقلب قبيحا (١).
وذهب المعتزلة إلى أنّهما بهذا المعنى عقليّان ، إلاّ أنّ العقل يدرك حسن بعض الأشياء وقبحها بهذا المعنى بالضرورة ، وفي بعضها يدركه بالنظر ، وفي بعضها لا يدركه ؛ لقصوره وإن كان عقليّا ، وهذا كالعبادات وكيفيّاتها وكمّيّاتها (٢).
وهذا مذهب أصحابنا ، وهو الحقّ لوجوه :
منها : أنّ استحقاق المدح على بعض الأفعال ـ كالإحسان وإغاثة المظلومين ـ والذمّ على بعضها ـ كالظلم وإعانة الظالمين ـ بديهي ، وإنكاره سفسطة ، ولذا قال بهما وبأمثالهما منكر والشرائع والنبوّات.
والظاهر أنّ إنكار الأشاعرة في مقام الجدال وهم في حين الغفلة يعترفون به ، سيّما في مقام الموعظة والنصيحة ، كما يظهر من كتاب إحياء العلوم وغيره من كتبهم (٣).
وأيضا إنّهم يقولون بالقياس والاستحسان ولا يتمّان بدون القول به.
ومنها : لو لم يكن الحسن والقبح عقليّين ، لم يقبح من الله شيء. ويلزم منه ثلاثة محالات :
عدم قبح كذبه تعالى ، فيرتفع الوثوق بوعده ووعيده ، ولا يمكن إثبات صدقه تعالى بالسمع ؛ لأنّ ثبوته موقوف على صدقه تعالى.
وجواز أن يظهر الله المعجزة على يد الكاذب ، فلا يعرف النبيّ من المتنبّئ.
وجواز نسبة التثليث ، والكفو ، والولد ، وأمثالها إليه تعالى.
__________________
(١ و ٢) راجع المحصول ١ : ١٢٣ و ١٢٤.
(١ و ٢) راجع المحصول ١ : ١٢٣ و ١٢٤.
(٣) راجع : إحياء العلوم ١ : ٧٨ ـ ٨٢ ، والبحر المحيط ١ : ١١١ و ١١٢.