الإتيان به وببدله ، فلا يكون الفعل واجبا ؛ لأنّ الواجب ما يكون تاركه لا إلى بدل آثما. ويلزم منه تساوي الفعل بالنسبة إلى قبل دخول الوقت وبعده ، وعدم انفصاله عن المندوب (١).
والجواب : أنّ هذا الوجوب لمّا كان وجوبا على التخيير في أجزاء الوقت ، فما لم يتحقّق الترك في جميع أجزائه ، لم يتعلّق به الإثم ؛ لأنّه في المخيّر يتعلّق بترك جميع أفراد الفعل ، والمدرك لبعض الوقت إذا مات فجأة ، لم يترك جميع أفراد الفعل ؛ لأنّه موقوف على إدراك جميعها وهو لم يدركه ، بل بعضها وهو لم يكن متعيّنا عليه ؛ لأنّ الواجب عليه أحد الأفراد لا على التعيين من المجموع ، فما تركه لم يكن واجبا عليه ، وما هو الواجب لم يدركه حتّى يتحقّق الترك.
وممّا ذكر يظهر الفرق بينه وبين الإتيان به قبل الوقت ؛ لأنّه لمّا كان من أحد أفراد الواجب المخيّر ، يسقط به الفرض ، بخلاف الإتيان به قبل الوقت.
وكذا يظهر الفرق بينه وبين المندوب وهو ظاهر.
هذا ، وقيل : العزم على فعل كلّ واجب قبل الإتيان به إجمالا وتفصيلا عند تذكّره من أحكام الإيمان ، فلزوم الإثم على تركه لذلك ، لا لكونه من أحد أفراد الواجب المخيّر (٢).
واورد عليه : بأنّ معنى العزم على الفعل قصد الإتيان به ، فإن اريد به القصد المقارن له أعني النيّة ، فوجوبه مسلّم ، لكنّه غير محلّ النزاع ، وإن اريد به القصد غير المقارن ، فلا نسلّم وجوبه ، ولا دليل عليه (٣).
أقول : ليس محلّ النزاع حالة الغفلة ؛ لعدم تعلّق التكليف حينئذ ، بل عند التذكّر الإجمالي أو التفصيلي ، ولا شكّ في أنّه إذا لم يتحقّق حينئذ قصد الإتيان بالواجب ، يتحقّق قصد تركه ؛ لعدم خلوّ المكلّف عن أحد هذين القصدين عند التذكّر ، فالمراد من العزم عدم إرادة الترك ؛ لتلازمهما. ولا شبهة في ترتّب الإثم عليه ؛ لأنّه من أحكام الإيمان أي من
__________________
(١) راجع معالم الدين : ٧٥ ـ ٧٨.
(٢) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ١٠٩ ، والشيخ حسن في معالم الدين : ٧٥.
(٣) راجع : المحصول ٢ : ١٧٧ ، وقوانين الاصول ١ : ١١٩.