صرف الأمر إلى جزء معيّن منه ، وهو إمّا أوّله أو آخره ؛ لعدم القول بالواسطة. فمن خصّ الوجوب بأوّله قال : لأنّه لو لم يكن هو لما برئ ذمّته بأدائه فيه. ومن خصّه بالأخير قال : لو لم يكن هو لعصى المكلّف بتأخيره.
ودليل كلّ منهما جواب عن الآخر ، فيفسخ القولان ، ويثبت منه الوجوب التخييري في أجزاء الوقت.
وممّا ذكرنا في إثبات الوجوب الموسّع يظهر الجواب عمّا ذكروا من أدائه إلى جواز ترك الواجب.
[ الموضع ] الثاني : في وجوب البدل ـ وهو العزم على الفعل في الجزء الثاني من الوقت إذا أخّره عن جزئه الأوّل ، وفي الجزء الثالث إذا أخّره عن الثاني ، وهكذا ـ وعدمه.
فبعض أصحابنا كالسيّد والشيخ (١) على وجوبه ، أي تخيير (٢) المكلّف بين الفعل والعزم عليه إلى الضيق ، ومعه يتعيّن الفعل ، ولا يجوز تركهما معا في وقت.
والأكثر على عدم وجوبه ، أي يجوز تركهما معا قبل الضيق ، ومعه يجب الفعل ، ولا يجب العزم في وقت. وهو الحقّ ؛ لأنّ الأوامر مطلقة (٣) ، ولا تدلّ على وجوب بدليّة العزم بإحدى الثلاث ، بل لا يفهم منها سوى وجوب الفعل على التخيير في أجزاء الوقت. ولا يدلّ عليه أيضا غيرها من الأدلّة الخارجيّة.
والاستدلال عليه : بأنّ العزم لو كان بدلا لجاز الاكتفاء به من دون أداء الفعل مطلقا ؛ لأنّ هذا شأن البدل ، غير صحيح ؛ لأنّهم لم يقولوا : إنّه بدل عن الفعل مطلقا ، بل عنه إذا وقع فيه التأخير إلى وقت الضيق ، ومعه يتعيّن الفعل.
احتجّ الخصم : بأنّه لو جاز ترك الفعل قبل ضيق الوقت من غير بدل ، لزم خروجه عن الوجوب ؛ لأنّه يلزم حينئذ عدم تعلّق الإثم بالمكلّف إذا مات فجأة في أثناء الوقت من دون
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٤٧ ، والعدّة في أصول الفقه ١ : ٢٣٥.
(٢) في « ب » : « يتخيّر ».
(٣) منها الآية ٧٨ من الإسراء (١٧).