الرابع : وجوب الشرط الشرعي دون غيره ، ذهب إليه ابن الحاجب (١).
والحقّ الأوّل.
وقبل الخوض في الاستدلال لا بدّ من بيان امور :
[ الأمر ] الأوّل : ما يتوقّف عليه الواجب إمّا سبب ، أو شرط. وكلّ منهما إمّا عقلي ، أو شرعي ، أو عادي.
فالسبب العقلي كالصعود للكون على السطح ، والضرب بالسيف للقتل. والشرعي غير المقدور عليه كالدلوك لوجوب الظهر ، والمقدور عليه كالصيغة الشرعيّة بالنسبة إلى حصول الملك وإباحة الوطء. والعادي كالإطعام للإشباع.
والشرط العقلي كقطع المسافة للحجّ. والشرعي كالوضوء للصلاة والملك للعتق. والعادي كغسل جزء من الرأس لغسل الوجه.
ولم يتعرّض القوم للعلل الناقصة والمعدّ ورفع المانع وباقي أجزاء العلّة التامّة ، وكأنّهم أدرجوها في الشرط.
وينقسم مقدّمة الواجب باعتبار آخر إلى ما يتوقّف وجود الواجب عليه ، كبعض الأمثلة السابقة من السبب والشرط. وإلى ما يتوقّف صحّته عليه ، كالوضوء للصلاة. وإلى ما يتوقّف العلم بصحّته عليه ، كالصلاة إلى أربع جهات ؛ للعلم بإتيان الصلاة إلى القبلة ، وكالصلاة في كلّ واحد من الثوبين ، الطاهر والنجس ؛ للعلم بإتيان الصلاة في الثوب الطاهر.
وهذا القسم من المقدّمة إمّا أن يكون فعلا ، كما ذكر أو تركا ، كما إذا طلّق واحدة من زوجاته على التعيين ثمّ نسيها ؛ فإنّه يحتمل وجوب ترك الجميع عليه من باب المقدّمة. فلو طلّق واحدة منهنّ من غير تعيين ، فقد اختلف في وقوعه ، فإن قلنا به ، احتمل حينئذ أيضا وجوب ترك الجميع من باب المقدّمة.
[ الأمر ] الثاني : قدماء القوم أطلقوا القول بأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب (٢) ، وقيّد
__________________
(١) منتهى الوصول : ٣٦.
(٢) كالغزالي في المستصفى : ٥٧ ، والفخر الرازي في المحصول ٢ : ١٩٢ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٥٢ و ١٥٣. وفي الذريعة إلى أصول الشريعة للسيّد ١ : ٨٣ : « هل الأمر بالشيء أمر بما لا يتمّ إلاّ به؟ ».