الواجب ، سواء كانت عقليّة ، أو شرعيّة ، أو عاديّة ؛ بمعنى أنّه لا بدّ من فعلها عقلا في تحصيل الواجب وإن قيل : لم يتعلّق بها خطاب الشارع أصلا وتبعا ، بل تعلّق بذي المقدّمة فقط ، وكان تارك الواجب عاصيا من جهة تركه فقط لا من جهة ترك المقدّمة أيضا (١). فالخلاف إنّما هو في الوجوب الشرعي للمقدّمات ، بمعنى أنّه هل تعلّق بها خطاب الشارع تبعا لخطابه بذي المقدّمة حتّى يكون الخطاب بالعتق خطابا لتحصيل الملك والعتق ، ويكون تاركه تاركا للواجبين ، ويترتّب على كلّ منهما إثم على حدة؟ (٢)
هذا ، والظاهر من كلام المرتضى ـ كما نذكره ـ عدم الوجوب العقلي أيضا للمقدّمات سوى السبب (٣).
والحقّ أنّ ثبوت الوجوب العقلي بديهي عقلي ، ويدلّ عليه جميع الأدلّة الآتية ، وما ذكره رحمهالله ستعلم ما فيه.
[ الأمر ] الرابع : المشهور عند القوم عدم الخلاف في بقاء الواجب المطلق على إطلاقه في كلّ حال وإن لم يتّفق مقدّمته ، يعني إذا لم يتّفق الطهارة لا يرتفع وجوب الصلاة ، كما يرتفع وجوب الزكاة عند عدم اتّفاق النصاب.
ويظهر من كلام المرتضى رحمهالله اختصاص وجوبه بحال وجود مقدّمته ، وأمّا في حال عدمها فلا يبقى على وجوبه ، بل يكون حينئذ بالنسبة إلى مقدّمته واجبا مقيّدا ، فلا يجب تحصيل مقدّمته ؛ لأنّها من مقدّمات الواجب المقيّد (٤).
وحاصل كلامه : أنّ جميع مقدّمات الواجب ليست واجبة ؛ لاحتمال كونها من مقدّمات الواجب المقيّد ، لا أنّها ليست بواجبة مع كونها من مقدّمات الواجب المطلق.
ثمّ لمّا ذهب إلى ذلك ، لزمه الفرق بين السبب والشرط ؛ لأنّه يمكن أن يقيّد وجوب الشيء باتّفاق وجود شرطه ، ولا يمكن تقييد وجوب الشيء بوجود سببه ؛ لأنّ السبب
__________________
(١) نسبه الشيخ حسن إلى قيل في معالم الدين : ٦١.
(٢) راجع المصدر : ٦٠ ـ ٦١.
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٨٣ و ٨٤.
(٤) راجع المصدر.