وقد عرفت الجواب.
ويظهر من كلام الشهيد أنّ القبول عنده غير الإجزاء وإن فسّر بموافقة الأمر وامتثاله ، حيث قال ـ بعد ذكر أنّ القبول عنده غير الإجزاء ـ : لأنّ المجزئ ما وقع على الوجه المأمور به شرعا ، وبه يخرج عن العهدة ، وتبرأ الذمّة ، ويسمّى فاعله مطيعا ، والقبول ما يترتّب عليه الثواب (١).
والإتيان بالفعل على الوجه المأمور به شرعا هو موافقة الأمر وامتثاله.
وغير خفيّ أنّه لا فرق في الاستدلال بالظواهر المذكورة على مغايرة الإجزاء للقبول والجواب عنه بين تفسير الإجزاء بما يوجب سقوط القضاء ، أو موافقة الأمر ، إلاّ أنّ الحكم بالمغايرة في الصورة الثانية أفحش ؛ لأنّ السيّد إذا أمر عبده بشيء ووعد عليه الإحسان ، ففعل العبد ما أمره به على النحو المأمور به ، وكان موافقا لأمره ، فلم يقبله السيّد وردّه ولم يحسن إليه ، يذمّه العقلاء ، وينسبونه إلى خلاف العدل ، بخلاف ما إذا لم يأت بالفعل على النحو المأمور به وإن أسقط عنه القضاء.
ويرد عليهما (٢) : أنّ العبادة التي لم يترتّب عليها الثواب كيف يخرج بها المكلّف عن التكليف؟! بل تكون لاغية عبثا ؛ لأنّ كلّ تكليف يترتّب عليه الثواب والعقاب.
وبعض العرفاء وافق السيّد وقال :
|
لكلّ عبادة قالب وصورة ، وروح وحقيقة ، فروح الصلاة ـ مثلا ـ وحقيقتها هو الإقبال والإخلاص والخشوع والحضور ، فإذا أتى بأفعال الصلاة التي هي قالبها من دون الإتيان بما هو روحها ، يكون ممتثلا لأمر الله ، خارجا عن عهدة التكليف ؛ لأنّ تكليفه كان هذا ، ولكن لا يثاب ثواب الصلاة ؛ لأنّه موقوف على إيجاد حقيقة الصلاة وروحها دون قالبها ، فهذه الصلاة من حيث الصورة مجزئة ، فيخرج المكلّف بها عن عهدة التكليف ، ومن حيث الحقيقة غير مجزئة ، فلا يثاب عليها ، فتأمّل فيه (٣). |
__________________
(١) القواعد والفوائد ٢ : ٩٧ ، القاعدة ١٨٠.
(٢) أي يرد على السيّد المرتضى والشهيد.
(٣) لم أهتد إلى اسم هذا العارف القائل بعدم التلازم بين الإجزاء والقبول.