ومنها : ما ورد منهم عليهمالسلام من تعليم الاستدلال به (١).
ومنها : وقوع الاحتجاج به من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام وتقريرهم عليه (٢).
ومنها : بعض الآيات ، كقوله تعالى : ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ )(٣) ؛ حيث أثبت استنباطا للعلماء ، والتخصيص خلاف الأصل ، وقوله تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ... )(٤) الآية ؛ حيث دلّ على جواز اتّباع غير المتشابه ، وقوله تعالى : ( هُدىً وَنُورٌ )(٥) و ( نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ )(٦) وغيرها من الآيات.
وهذه الآيات لمّا كانت محكمة ، تقوم حجّة على من قال بجواز العمل بالمحكم دون الظواهر.
وأمّا على الأخباريّين الذين قالوا : إنّ جميع القرآن متشابه بالنسبة إلينا ، فلا تنهض حجّة ؛ لأنّ الاستدلال بها على إبطال مذهبهم يصير دوريّا.
وقد اجيب عن بعض الوجوه المذكورة بأجوبة ظاهرة الاندفاع ، فلا نطيل الكلام بذكرها ودفعها.
احتجّ الأخباريّون بأربعة وجوه :
[ الوجه ] الأوّل : أنّه يجوز أن يكون ما نفهم من الظواهر غير مقصود ، ولا يلزم منه التخاطب بما يدلّ ظاهره على غير المقصود ؛ لجواز ظهور المقصود منها للمخاطبين بمعونة القرائن المنضمّة معها عند النزول (٧).
والجواب عنه بالنقض والحلّ :
أمّا النقض : فبأنّه يرد على ظواهر السنّة أيضا.
وأمّا الحلّ : فبأنّ المتكلّم إذا أراد خلاف ظاهر اللفظ ، يلزم عليه نصب قرينة تدلّ عليه ،
__________________
(١) راجع : الوافية : ١٣٦ ـ ١٤٤ ، وقوانين الاصول ١ : ٣٩٣.
(٢) المصدر.
(٣) النساء (٤) : ٨٣.
(٤) آل عمران (٣) : ٧.
(٥ و ٦) المائدة (٥) : ٤٤ و ١٥.
(٧) حكاهما الفاضل التوني في الوافية : ١٣٦ و ١٣٧.