فإن قيل : الأصل الثابت عند الشيعة عدم العمل بالظنّ إلاّ بدليل ، كالعمل بأخبار (١) الآحاد ، والعمل بظواهر الكتاب من باب الظنون.
قلنا : هذا الظنّ أيضا خارج بالأدلّة المتقدّمة ؛ فإنّها تفيد القطع بجواز العمل.
ولا يخفى أنّ الكتاب والسنّة مشتركان في اشتمالهما على المحكم والمتشابه ، والنصّ والمجمل وغيرها ، فما يرد على العمل بأحدهما يرد على العمل بالآخر.
والأخباريّون فرّقوا بينهما بمجرّد الأخبار المذكورة (٢). وقد عرفت جوابها (٣).
فإن قيل : نحن نسلّم أنّ المحكم والظاهر يجوز العمل بهما ولكنّ تمييزهما عن المتشابه غير ممكن لنا ، فكلّ القرآن متشابه بالنسبة إلينا.
قلت : هذا مكابرة صريحة ، وتمييز كلّ واحد من المحكم والنصّ والظاهر والمتشابه عن الآخر واضح لمن له أدنى فطانة في علم القرآن.
ثمّ كيفيّة التفريع على هذا الاختلاف ظاهرة ؛ فإنّه يلزم على مذهب الأخباريّين عدم جواز الاستدلال بالآيات التي لم يرد في تفسيرها نصّ ، بل لا يجوز الاستدلال بها مطلقا (٤).
وأمّا على المذهب (٥) الحقّ ، فيجوز بغير المتشابه مطلقا ، وبه بمرجّح خارجي.
__________________
(١) في « ب » : « بالأخبار ».
(٢) راجع قوانين الاصول ٢ : ٢٢٠ و ٢٢١.
(٣) في ص ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٤) هذا ناظر إلى طائفة قائلة بتشابه كلّ القرآن من الأخباريّين.
(٥) في « ب » : « مذهب ».