وأمّا ثالثا : فبأنّ المراد منه حمل المجمل والمتشابه ، أو أمثالهما من الألفاظ المشكلة على أحد المحتملات ، والجزم به من غير دليل عقلي أو نقليّ.
ويدلّ عليه أنّ المراد من التفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل أو كشف المغطّى ، فالمراد من التفسير بالرأي القطع بالمراد من اللفظ المشكل من غير دليل.
ويدلّ عليه أيضا أنّ الشيخ الطبرسي قال :
|
قد صحّ عن النبيّ وعن الأئمّة القائمين مقامه أنّ تفسير القرآن لا يجوز إلاّ بالأثر الصحيح والنصّ الصحيح. وروت العامّة أيضا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « من فسّر القرآن برأيه فأصاب الحقّ فقد أخطأ » (١). |
مع أنّا نرى أنّه يفسّر القرآن من غير استناد إلى نصّ وأثر.
[ الوجه ] الرابع (٢) : استفاضة الأخبار بأنّ علم القرآن منحصر في النبيّ والأئمّة عليهمالسلام (٣).
والجواب : أنّ المراد أنّ علم الكتاب كلّه ـ أي ظاهره وباطنه ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وبالجملة ، الإحاطة التامّة الواقعيّة لجميع ما أودع الله في القرآن ـ منحصر بهم عليهمالسلام ، وقد نطق بذلك أخبار كثيرة ، كقول الصادق عليهالسلام : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ، ظاهره وباطنه غير الأوصياء » ، وقوله عليهالسلام : « ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلاّ كذّاب ، وما جمعه وما حفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام والأئمّة من بعده » (٤).
ولا بعد في ادّعاء دلالة جميع الأخبار التي تدلّ على انحصار علم القرآن فيهم على ذلك إمّا تصريحا ، أو تلويحا.
وغير خفيّ أنّه بعد ملاحظة أدلّتنا المتقدّمة يظهر أنّه لو لم يحمل الأخبار المذكورة على ما ذكر ، لزم طرحها.
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ١٣ ، الفنّ الثالث.
(٢) حكاه الفاضل التوني في الوافية : ١٣٧.
(٣) منها ما في الكافي ١ : ٢٢٩ ، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأئمّة عليهمالسلام ، ح ٥.
(٤) الكافي ١ : ٢٢٨ ، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلاّ الأئمّة عليهمالسلام ، ح ١ و ٢. والروايتان منقولتان عن أبي جعفر الصادق عليهالسلام.