وجوابه : أنّ نقل اليهود والنصارى لم يحصل بشرائط المتواتر (١) ؛ لانقراض اليهود في قضيّة بخت نصّر بحيث لم يبق منهم عدد يفيد قولهم العلم (٢) ، وقلّة النصارى في المبدأ.
لا يقال : يلزم حينئذ عدم تواتر ما يدلّ على نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلاّ حصل العلم لجميع الطوائف ، ولو حصل لم يخالف أحد نبوّته ؛ لأنّ العاقل لا يخالف مقتضى علمه.
والجواب : أنّ ما يدلّ على نبوّته صلىاللهعليهوآلهوسلم إمّا عقلي ولا تواتر فيه ؛ لاشتراط كون المتواتر محسوسا ، وإمّا حسّي متواتر بالتواتر اللفظي أو (٣) المعنوي. وعدم حصول العلم منه لبعض الطوائف باعتبار الالتباس عليهم ، وجمودهم على الشّبه الواهية ، كما هو حال السوفسطائيّة ، مع أنّه يمكن حصول التواتر لطائفة دون اخرى إذا لم يقع عنها البحث والفحص.
لا يقال : يمكن أن يكون نقل اليهود والنصارى من هذا القبيل.
لأنّا نقول : قد وقع منّا الفحص عن نقلهم ، وعثرنا على ما يكذب تواتره كما ذكرنا. وأيضا لنا براهين قاطعة منافية له ، كما لا يخفى.
وقد أوردوا بعضا آخر من الشكوك (٤). والحقّ : أنّ جميعها تشكيك في الضروري (٥) ، فلا يستحقّ الجواب.
ويتفرّع عليه : عدم معارضة شيء من الأدلّة للمتواتر ؛ لأنّ تواتر المتعارضين غير واقع ، بل غير جائز ، وغيره ممّا لا يفيد العلم لا يقاوم ما يفيده.
ثمّ الحقّ ـ كما ذهب إليه الأكثر ـ : أنّ العلم الحاصل منه ضروريّ ؛ إذ لو كان نظريّا لتوقّف على ترتيب المقدّمتين ، واللازم منتف ؛ فإنّه حاصل لمن ليس من أهل البحث والنظر ، كالبله والصبيان ، وكلّ أحد يحصل له العلم بوجود بلد تواتر الإخبار عليه من غير سابقة فكر ونظر ، فكذا الملزوم. والملازمة ظاهرة.
__________________
(١) في « ب » : « التواتر ».
(٢) راجع المحصول ٤ : ٢٥٦.
(٣) في « ب » : « و ».
(٤) راجع : منتهى الوصول لابن الحاجب : ٦٨ ، وشرح مختصر المنتهى ١ : ١٥١.
(٥) في « ب » : « الضرورة ».