عندهم لكان اللازم عدم الاختلاف لو كان مستندهم قاطعا ، أو الاختلاف بنحو آخر لو كان مستندهم غير قاطع دون الأخبار.
وقد بالغ الشيخ في حجّيّة أخبار الآحاد ، وادّعى إجماع الأصحاب على العمل بالأخبار المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام حتّى قال :
|
لو رواها غير الإمامي وكان الخبر سليما عن المعارض ، واشتهر نقله في هذه الكتب الدائرة بين الأصحاب ، عمل به. ـ وذكر ـ أنّ قديم الأصحاب وحديثهم إذا طولبوا بصحّة ما أفتى به المفتي منهم ، عوّل (١) على المنقول في أصولهم المعتمدة ، وكتبهم المدوّنة ، فيسلّم له خصمه (٢) منهم الدعوى في ذلك ، وهذه سجيّتهم من زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى زمن الأئمّة عليهمالسلام (٣). |
وغير خفيّ أنّ اللازم من الطرق الثلاث (٤) تواتر العمل بأخبار الآحاد من عصر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عصر المرتضى رضى الله عنه ، وكونه طريقة مستمرّة من غير نكير ، فيظهر منه أنّه كان إجماعيّا ، لا سكوتيّا مفيدا للظنّ ، بل قطعيّا ، كما لا يخفى. وهذا يفيد القطع بحجّيّتها ووجوب العمل بها ؛ لأنّ عملهم حجّة لنا ، ولو وقع الخلاف بينهم لنقل ؛ لأنّه ممّا يتوفّر الدواعي عليه.
لا يقال : ثبوت كلّ واحد من الطرق المذكورة لنا (٥) بأخبار الآحاد ، فيلزم الدور.
لأنّا نقول : كلّ واحد منها وإن ثبت بأخبار كلّ واحد منها من الآحاد إلاّ أنّ القدر المشترك بينها متواتر ، فيثبت عندنا كلّ واحد من الطرق الثلاث بالتواتر المعنوي ، ولها قدر مشترك هو المطلوب ، وهو أجلى من كلّ متواتر ؛ لكونه قدرا مشتركا بين المتواترات الثلاثة.
وقد اعترض عليها بوجوه (٦) كلّها بالإعراض عنه حقيق.
ثمّ هنا أخبار خاصّة تدلّ على الحجّيّة كالأخبار التي وردت في حكم اختلاف الأحاديث (٧) ؛ فإنّها تدلّ على الحجّيّة بأحد الشروط المثبتة فيها. والأخبار الواردة بالأمر
__________________
(١ و ٢) المناسب لقوله : « طولبوا » أن يقال : « عوّلوا » و « لهم خصمهم ».
(٣) العدّة في أصول الفقه ١ : ١٢٦.
(٤) هي : اشتهار العمل بالآحاد بين أصحاب النبيّ ، واشتهاره بين أصحاب الأئمّة ، وإرسال النبيّ الآحاد للتبليغ.
(٥) متعلّق بقوله : « ثبوت » لا « المذكورة ».
(٦) راجع : منتهى الوصول لابن الحاجب : ٧٤ و ٧٥ ، وشرح مختصر المنتهى ١ : ١٦١.
(٧) منها ما في الكافي ١ : ٦٧ و ٦٨ ، باب اختلاف الحديث ، ح ١٠.