منها : إجماع الصحابة والتابعين على قبول المراسيل. واحتجّوا على ثبوته بقول بعض الصحابة : كلّ ما نسنده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما سمعنا منه ، ولكنّا لا نكذب عليه (١).
وبأنّ كثيرا ما يسند صحابي خبرا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ يصرّح بأنّه لم يسمعه من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل من صحابي (٢) آخر.
وبأنّ روايات ابن عبّاس عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مقبولة مع أنّه لم يرو عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ أربعة أحاديث ؛ لصغر سنّه (٣).
وبأنّ بعض التابعين أسند خبرا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلمّا سئل عنه قال : أخبرني به سبعون بدريّا (٤).
والجواب : أنّ هذه القضايا ـ على فرض ثبوتها ـ لا تدلّ على تحقّق الإجماع.
ومنها : أنّ رواية العدل عمّن سكت عنه تعديل له ؛ لأنّه لو روى عن غير عدل ولم يبيّن حاله ، لكان ملبّسا وهو ينافي العدالة (٥).
وجوابه : منع التلبيس ؛ لأنّه يعلم أنّ حكم المرسل عند السامعين حكم الضعيف ، مع أنّه يمكن أن ينساه ولم يعلمه بعينه فأرسل عنه ؛ لعدم خلوّه عن فائدة ، فإنّه يعلم أنّ المرسل يصلح للتأييد ، غاية الأمر أنّ روايته عنه تعديل له ، ومرجعه إلى شهادة العدل على عدالة مجهول العين.
ويعلم (٦) ما فيه.
ومنها : أنّ إسناد الحديث إلى المعصوم يستلزم اعتقاد صدقه ؛ لأنّ إسناد ما هو الكذب عنده إليه ينافي العدالة ، ولا ريب أنّ حديث غير العدل كاذب عند العدل ، فيجب أن يكون المحذوف عدلا حتّى يعتقد صدقه ، وحينئذ يجب قبوله (٧).
وقد ظهر جوابه ممّا ذكر.
ولهم وجوه ضعيفة أخر (٨) تركناها لظهور فسادها.
__________________
(١) هو البراء بن عازب كما في نهاية الوصول إلى علم الأصول ٣ : ٤٦٥.
(٢) هو أبو هريرة والفضل بن عبّاس وابن عمر ، كما في المصدر.
(٣) راجع نهاية الوصول إلى علم الأصول ٣ : ٤٦٦.
(٤ و ٥) راجع نهاية الوصول إلى علم الأصول ٣ : ٤٦٦ و ٤٦٧.
(٦) راجع ص ٢٨٥.
(٧ و ٨) راجع نهاية الوصول إلى علم الأصول ٣ : ٤٦٥ ـ ٤٦٨.