أن يطّلع على شيء لم يطّلع عليه الآخرون ، وعدالته تمنعه من الكذب ، فهو في حكم الحديث المستقلّ.
أو في الإسناد ، مثل أن يسنده وأرسلوه ، أو يوصله وأوقفوه. وهو أيضا مقبول بالشرط المذكور ؛ لما ذكروا.
والمصحّف ، ويقال له المحرّف أيضا : والتصحيف إمّا يقع في الإسناد ، كتصحيف بريد بالباء الموحّدة المضمومة ، بيزيد بالياء المثنّاة ، أو في المتن ، وهو ظاهر. أو في المعنى ومثّل له بما روي أنّه صلّى إلى عنزة ـ وهي حربة نصبها بين يديه سترة ـ فتوهّم رجل من بني عنزة (١) أنّ المراد منها قبيلته ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى إليهم ، وهو تصحيف معنوي. والتنبّه للتصحيف فعل الحذّاق المهرة ؛ وبعد التفطّن به يلزم تصحيحه.
والمعلّل : وهو ما فيه سبب خفيّ قادح فيه ، ولا يستخرجه إلاّ اولو الأفهام الثاقبة ؛ وبعد التفطّن به يلزم ردّه.
والناسخ والمنسوخ : وهذا فنّ يصعب معرفته ، ولذلك ربما ادخل فيه ما ليس منه ، وجعلوا من طرق معرفته النصّ ، أو الإجماع ، أو التأريخ. والظاهر عدم وجوده في أخبار أئمّتنا عليهمالسلام ، كما نبّه عليه بعض المحقّقين (٢).
والموضوع والمختلق : وهو شرّ أقسام الضعيف ، ولا يحلّ روايته إلاّ لتبيّن حاله ، ويعرف الوضع بإقرار واضعه ، أو بشهادة من يوثق به ، أو بركاكة لفظه أو معناه ، أو بغير ذلك من أسباب يعرفها المؤيّدون.
وقد كثر الوضع للأخبار حتّى أنّ قوما جوّزوه (٣) للترغيب والترهيب ، وكم من فساد واختلال حدث في الإسلام لأجل ذلك ، ومن وفّق بمعرفته لا يزلّ ، ولكنّها ليست شريعة لكلّ وارد ، بل لا يطّلع عليها إلاّ واحد بعد واحد.
__________________
(١) الحديث في صحيح البخاري ١ : ٨٠ و ٨١ ، ح ١٨٥ ، وصحيح مسلم ١ : ٣٦٠ ، باب سترة المصلّي ، ح ٢٥٠ / ٥٠٣. والرجل على ما في فائق المقال : ٢٢ أبو موسى [ محمّد ] بن المثنّى العنزي ، كما في مقدّمة ابن الصلاح : ١٧٠ ، وشرح البداية : ٨٢.
(٢) نسبه الصدر إلى فخر الدين محمّد بن الحسن ابن العلاّمة الحلّي في نهاية الدراية : ٣٠٧.
(٣) نسبه الشهيد الثاني إلى الكراميّة في شرح البداية : ١٠٢ و ١٠٥.