وهذا هو المعيار في تمييزهما ، إلاّ أنّه في كثير من الموارد يكون للمخبر عنه متعلّقات متعدّدة ، ومن حيث تعلّقه ببعضها يكون عامّا ، ومن حيث تعلّقه ببعض آخر يكون خاصّا ، ولذلك وقع فيها الاشتباه والخلاف في اشتراط التعدّد وعدمه ، وحينئذ لا بدّ من التأمّل في متعلّقاته حتّى يظهر أيّ الحيثيّتين أقوى ، ومع تكافئهما يرجع إلى الأدلّة الخارجيّة.
ونحن نشير إلى جملة من هذه الموارد حتّى تعلم كيفيّة الحال :
منها : الإخبار عن رؤية الهلال. فقيل : رواية ؛ لأنّ الصوم أو الإفطار لا يشخّص (١) بمعيّن (٢).
وقيل : شهادة ؛ لاختصاصه بشهر معيّن (٣).
والمطلوب أنّ المخبر عنه هنا ـ وهو رؤية الهلال ـ يتعلّق بأمرين :
أحدهما : فاعل الصوم أو الإفطار ، وهو جماعة غير محصورين ، فمن حيث تعلّقه بهم يكون عامّا.
وثانيهما : زمان الصوم أو الإفطار ، وهو شهر خاصّ في عام خاصّ ، فمن حيث تعلّقه به يكون خاصّا. والأوّل يفيد كونه رواية ، والثاني يعطي كونه شهادة. ولتعارضهما وقع فيه الخلاف ؛ ورجّح الثاني بالأمارات الخارجيّة (٤).
والقول بأنّ الإخبار عن رؤية الهلال في موضع خاصّ لا يشمل جميع الناس ، بل لطائفة خاصّة ؛ لأنّ رؤية الهلال في بلد لا تثبت الحكم لجميع البلاد ، بل لبلاد مخصوصة ، كما ذكر في كتب الفروع ، ضعيف ؛ لأنّ الظاهر أنّ المراد من العموم في أمثال المقام هو العموم العرفي ، ولا يخفى صدق العامّ العرفي على المتناول لأهل بلاد كثيرة وإن لم يتناول لجميع الناس. ولو كان المراد منه الحقيقيّ الصادق على جميع الناس من غير أن يشذّ منهم فرد في زمان ، لما وجد رواية.
ونظير ذلك في كلام الفقهاء « المحصور » و « غير المحصور » ، فإنّ مرادهم من غير المحصور ما هو كذلك عرفا ، لا غير المتناهي.
__________________
(١) في « ب » : « لا يتشخّص ». والصحيح : « لا يختصّ بشخص معيّن ».
(٢ و ٣) قالهما الشهيد في القواعد والفوائد ١ : ٢٤٧ ـ ٢٤٩ ، الفائدة ١.
(٤) ذكرهما الشهيد في المصدر.