وإذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ كلّ مورد علم كونه فتوى أو حكما أو منصبا خاصّا بالإمام فيلحقه خواصّه. وقد وقع الاشتباه في موارد ، فلا بدّ من الإشارة إلى بعضها ؛ ليقاس عليه أمثاله :
منها : قوله صلىاللهعليهوآله لامرأة أبي سفيان حين قالت له : إنّ أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني : « خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف » (١).
فقيل : هو فتوى وتبليغ ، فيجوز التقاصّ لكلّ مسلّط بإذن الحاكم وبدون إذنه (٢).
وقيل : حكم ، فلا يجوز له إلاّ بإذن الحاكم وحكمه (٣).
وقد رجّح الأوّل بأغلبيّة تصرّفه بالتبليغ ، والمظنون إلحاق المشكوك فيه بالغالب (٤).
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : « من قتل قتيلا فله سلبه » (٥).
فقيل : تبليغ فيعمّ (٦).
وقيل : تصرّف بالإمامة ، فيتوقّف (٧) على إذن الإمام (٨).
وهو الأقوى ؛ لظاهر قوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ )(٩) الآية ؛ فإنّه ظاهر في أنّ كلّ ما يصدق عليه الغنيمة [ فهو ](١٠) للغانمين ؛ ولأنّ كون السلب للقاتل ربما أدّى إلى اهتمامهم على قتل ذي السلب دون غيره ، فيختلّ نظام المجاهدة ؛ ولأنّه ربما أفسد القربة المقصودة من الجهاد. وكونه له باشتراط الإمام لا ينافيه ؛ لأنّه لأجل مصلحة. ولما ذكر ذهب الأكثر (١١)
__________________
(١) صحيح مسلم ٣ : ٥٤٩ ، كتاب الأقضية ، ح ٧ ، وعوالي اللآلئ ١ : ٤٠٣ ، ح ٥٩.
(٢) المغني لابن قدامة ٩ : ٢٤٠ ؛ إرشاد الساري ٧ : ٢٦٣ ، الهامش.
(٣) جعله أحد وجهي أصحابه في إرشاد الساري ٧ : ٢٦٣ ، الهامش.
(٤) ذهب إلى هذا الترجيح الشهيد في القواعد والفوائد ١ : ٢١٦ ، القاعدة ٦٢ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٤٢ ، القاعدة ٨٩.
(٥) جامع الأصول ٢ : ٦٨٧ ، ح ١١٨٥.
(٦) حكاه العلاّمة عن ابن الجنيد في تحرير الأحكام ١ : ١٤٤.
(٧) في « ب » : « فتوقّف ».
(٨) قاله المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ١ : ٢٩٤ ، وابن قدامة في الشرح الكبير ـ ضمن المغني ـ ١٠ : ٤٥٢ و ٤٥٣.
(٩) الأنفال (٨) : ٤١.
(١٠) أضيف بمقتضى السياق. والمراد أنّ الغنيمة للغانمين لا للقاتل.
(١١) منهم الشهيد في القواعد والفوائد ١ : ٢١٧ ، القاعدة ٦٢ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٤٢ ، القاعدة ٨٩.