أفاد (١) اشتراط الاتّفاق من لدن بعثته إلى يوم القيامة ، فيلزم أن لا يوجد إجماع أصلا.
وتقييد الأمر بالديني ؛ لإخراج الإجماع على ما ليس بديني ، كالإجماع على جوهريّة الجسم مثلا ، أو عرضيّة الألوان والطعوم ؛ فإنّه ليس من الإجماع المعرّف في كتب الاصول ؛ لأنّه من الأدلّة الشرعيّة ، وممّا يكفّر منكره ، ولا يخرج منه الإجماع على أمر عقلي يجب أن يعتقد ، كالإجماع على حدوث العالم ؛ لأنّ الديني يتناول الاعتقادي ، فتدخل الإجماعات الثابتة في علم الكلام المتعلّقة بالاعتقاد.
والمراد من المجتهد ما يتناول المجتهد في الاصول الكلاميّة أيضا.
وهذا على قواعد العامّة ظاهر ؛ لأنّ ما تمسّكوا به في إثبات حجّيّة الإجماع لا مدخل له بإثبات حجّيّة (٢) غير الأمر الديني. وأمّا على قواعد الإماميّة ، فتعرف (٣) كيفيّة الحال.
ثمّ إنّي لم أجد من علماء العامّة من يحدّه بمثل ما حدّ حتّى يتمّ ، بل كلّ منهم حدّه بما لا يخلو عن فساد.
فحدّه الغزالي بأنّه اتّفاق أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله على أمر من الامور الدينية (٤).
ويلزم منه أن لا يوجد إجماع أصلا ، كما أشير (٥) إليه. وينتقض عكسه بالإجماع الذي خالف فيه العوامّ ، وبما انعقد بعد زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله. وطرده بتقدير اتّفاق الامّة مع عدم المجتهدين فيهم (٦).
وأورد عليه الحاجبي (٧) ، بأنّه لا ينعكس بتقدير اتّفاقهم على أمر عقلي أو عرفي.
وفيه : أنّ العقلي أو العرفي إن كان اعتقاديّا فيدخل في الديني ، وإن لم يكن اعتقاديّا فلا بدّ من إخراجه ؛ لما عرفت (٨).
__________________
(١) أي أفاد التعريف.
(٢) كذا في النسختين. والظاهر كلمة « حجّيّة » غير محتاج إليها.
(٣) يأتي في ص ٣٣٩ ، ذيل قوله : « ثمّ إنّ تقييد الأمر بالدينيّ ».
(٤) المستصفى : ١٣٧.
(٥) لعدم تقييده بقوله في عصر وزمان. راجع ص ٣٣٦.
(٦) ليس المراد مخالفة المجتهدين ؛ فإنّه لا يتحقّق حينئذ اتّفاق الامّة ، بل المراد عدم وجود المجتهد في الامّة وكون الامّة كلّهم عوامّ.
(٧) منتهى الوصول : ٥٢.
(٨) تقدّم آنفا.