لا يخفى على الناظر في كتبهم الاصوليّة (١) والفروعيّة (٢) ـ يمكن حصول القطع حينئذ باشتماله على دخول قول المعصوم.
فظهر ممّا ذكر صحّة كلّ من الطريقين ، وأنّ كلّ ما يصحّ إثبات حجّيّته بالطريق الأوّل يصحّ بالثاني أيضا ، إلاّ أنّه لا بدّ لكلّ مجتهد من الفحص عن كلّ إجماع ليعلم أنّه ممّا يمكن إثبات حجّيّته بكلّ منهما ، أو بالثاني فقط.
فعلى الأوّل : إن حصل له العلم بنفس الإجماع يحصل له العلم بدخول قوله عليهالسلام أيضا كما سبق (٣) ، ولا ريب حينئذ في حجّيّته وتعيّن العمل به. وإن حصل له الظنّ به يحصل له الظنّ به أيضا ، ويتعيّن العمل به إن لم يكن له معارض ، سواء كان له معاضد أو لا. وإن كان له معارض ، وجب عليه النظر في كلّ منهما وما يعاضدهما ، واعتبار القواعد المقرّرة في الترجيح ، فيأخذ بأقوى الظنّين الحاصلين منهما.
وعلى الثاني : يلزم عليه أن ينظر بأنّه هل هو ممّا يحصل به القطع على اشتماله على قول المعصوم فيجب عليه العمل به ، أو يحصل به الظنّ على اشتماله عليه ، أو لا يحصل به شيء منهما؟ وعلى الأخيرين : هل يوجد له مخالف أو لا؟ وعلى التقادير : هل يوجد له معاضد أو معارض من الأدلّة الأخر أو لا؟ وعلى جميع الصور : هل يدّعى إجماع على خلافه أو لا؟ فتصير الصور كثيرة. ولا بدّ له في كلّ منها من النظر ، واعتبار الضوابط الممهّدة للترجيح ، والأخذ بما يقتضيه.
[ الطريق ] الثالث (٤) : ما ذهب إليه الشيخ ، وهو أنّه تواتر الأخبار بأنّه إذا وقع إجماع على باطل يجب على الإمام أن يظهر القول بخلافه ، فإذا لم يظهر ظهر أنّه حقّ (٥) ، وايّد ذلك بحجّيّة تقريره عليهالسلام.
قيل : هذا يجري في إجماع لم يكن له مخالف أصلا ، ولم يوجد خبر على خلافه ؛ لأنّ
__________________
(١) المصادر.
(٢) المعتبر ١ : ٣١ ، وتمهيد القواعد : ٢٥١.
(٣) في ص ٣٥٩.
(٤) هذا هو المعروف بالإجماع اللطفي.
(٥) العدّة في أصول الفقه ٢ : ٦٤١ و ٦٤٢.