إليه الأفكار ، ولا ريب أنّ المصيب فيها واحد وغيره على الخطأ ، فكان اللازم على الإمام أن يبيّن لهم وجه التفصّي ، ويقيم الأحكام كما هي بمقتضى هذه الأخبار.
وبيان وجه التفصّي على النحو المتعارف بين القوم لا يكفي لبيان إراءة الطريق ، ولو كفى لم يحتج إلى إمام في كلّ عصر ، وهو خلاف ما دلّ عليه الأخبار. فالصحيح أنّ المراد من الأخبار أنّه يجب وجود إمام في كلّ عصر ؛ ليفعل ما ذكر إلاّ أنّ فعله ذلك مشروط بعدم تقيّة (١) ، أو مصلحة اخرى في عدم إظهاره ، وبدونه ـ كما في زمان الغيبة ـ لا يجب عليه ذلك ، وحينئذ كما لا يجب عليه إقامة الحدود وبيان المسائل الخلافيّة ، لا يجب عليه ردّ الناس إلى الحقّ لو اجتمعوا على الخطأ.
هذا ، والمنكر لحجّيّته إمّا منكر لحجّيّة الإجماع المعتبر عند الخاصّة ، أو عند العامّة.
واحتجّ الأوّل بوجوه ضعيفة عمدتها : أنّ كلّ إجماع يدّعى أو يستنبط إمّا يعلم اشتماله على قول المعصوم ، فيكون الحجّة قوله والإجماع لغوا ؛ أو لا ، فلا يكون حجّة (٢).
وقد عرفت جوابه (٣).
والثاني بقوله تعالى : ( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ )(٤) ، وقوله : ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ )(٥) ونحوهما ، دالاّ على أنّ مرجع الأحكام الكتاب والسنّة لا غير.
وبما ورد نهيا عامّا لكلّ الامّة عن خطأ ما نحو : ( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ )(٦) وأمثاله ، ومنه قوله عليهالسلام : « لا ترجعوا بعدي كفّارا » (٧) ولو لا جواز اجتماعهم عليه ما أفاد.
وبخبر معاذ ، حيث سأله النبيّ صلىاللهعليهوآله عن أدلّة الأحكام فعدّ ما عدّ ـ كما سبق (٨) ـ ولم يعدّ
__________________
(١) في النسختين « نفيه » ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) راجع الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ١٢٩.
(٣) في ص ٣٥٨.
(٤) النحل (١٦) : ٨٩.
(٥) النساء (٤) : ٥٩.
(٦) البقرة (٢) : ١٩٦.
(٧) وسائل الشيعة ٢٩ : أبواب القصاص في النفس ، الباب ١ ، ح ٣.
(٨) في ص ٣٣٠.