لغة ، وأمّا آدم فلم يكن له قوم حتّى يدخل في عموم الآية (١).
وأنت ستعلم اندفاع هذا الجواب بعد ما نردّ استدلال أهل التوقيف بآية التعليم.
هذا ؛ واستدلّ أهل التوقيف على مذهبهم بآيتين : آية تعليم الأسماء (٢) ، وقوله تعالى : ( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ )(٣).
ووجه الاستدلال بالآية الاولى ظاهر.
والجواب عنها : أنّ المراد بالأسماء حقائق الأشياء بدليل الضمير (٤) ، أو المراد منها أسماء الله الحسنى.
ويمكن أن يقال : المراد بالتعليم إلهام آدم وإقداره على وضع الألفاظ بإزاء المعاني.
ووجه الاستدلال بالآية الثانية أنّه لا يمكن أن يراد من « الألسنة » معناها الحقيقي ـ أعني العضويّ المخصوص ـ إذ ليس فيه كثير اختلاف ، فلا بدّ أن يراد منها معناها المجازي ، وهو اللغات ، فيكون المعنى : ومن آياته خلق اللغات المختلفة وتوقيف الناس عليها.
والجواب عنه : أنّه إذا تعيّن الحمل على المجاز ، يمكن أن يراد مجاز آخر ، وهو أن يراد بخلق الألسنة إقدار الناس على وضع اللغات ، وليس إرادة أحد المجازين أولى من إرادة الآخر.
وبما ذكرنا ظهر بطلان المذهبين الآخرين.
إذا علمت الحقّ في هذه القاعدة ، فاعلم أنّه يتفرّع عليها فروع.
منها : المسألة المعروفة بـ « مسألة مهر السرّ والعلانية » وهي ما إذا تزوّج رجل امرأة بألف درهم ، واصطلحا على تسمية الألفين بالألف (٥).
وكيفيّة التفريع أنّه بناء على التوقيف يلزم الألف ، ولا مدخليّة للاصطلاح.
__________________
(١) راجع المحصول ١ : ١٩٢.
(٢) وهي قوله تعالى : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ... ) ، البقرة (٢) : ٣١.
(٣) حكاه عنهم الفخر الرازي في المحصول ١ : ١٨٤ و ١٨٥. والآية ٢٢ من سورة الروم (٣٠).
(٤) والمراد به ضمير الجمع المذكّر في ( عَرَضَهُمْ ). والأولى الاستدلال بقوله تعالى : ( بِأَسْماءِ هؤُلاءِ).
(٥) كذا في النسختين. ولكن في التمهيد للإسنوي : ١٣٨ ، وتمهيد القواعد : ٨٢ ، القاعدة ١٨ : « تسمية الألف بألفين » وهو الصحيح.