الإباحة ؛ لأكثريّتها ، واعتضادها بالكتاب والعقل والإجماع.
واحتجّ القائل بالاحتياط باستفاضة الأخبار بالأخذ به ، وبأنّ شغل الذمّة اليقينيّ يحتاج إلى البراءة اليقينيّة (١).
والجواب عن الأخبار : أنّها محمولة على الاستحباب ؛ جمعا بين الأدلّة ، وبعضها صريح فيه.
و [ الجواب ] عن الثاني : منع ثبوت شغل الذمّة اليقيني فيما نحن فيه. وسيأتي تحقيق القول في الاحتياط (٢).
ثمّ الحقّ ـ على ما يستفاد من موارد الاحتياط والتوقّف ـ : أنّ الاحتياط يختلف في الموارد كما يأتي (٣) ، فربّ مورد يكون الاحتياط فيه الترك ، وربّ مورد يكون الاحتياط فيه ارتكاب فعل واحد أو أفعال متعدّدة ، وليس هو مجرّد ارتكاب أمر محتمل للوجوب (٤) وحكم آخر ما عدا التحريم ، كما فهمه بعض المتأخّرين (٥).
والتوقّف إمّا في القول ، وهو الكفّ عن الفتوى والحكم. وإمّا في العمل ، وهو ترك الأمر المحتمل للحرمة وحكم آخر من الأحكام الخمسة ، فهو أخصّ مطلقا من الاحتياط. والظاهر أنّ المتوقّف يرتكب الفعل فيما يحتمل الوجوب وغيره من الأحكام سوى الحرمة وإن لم يكن هو معنى التوقّف. والمحتاط يكفّ عن الفتوى والحكم ، فيتّحد القول بالتوقّف والاحتياط عند التحقيق. وحينئذ يصير أدلّة كلّ من الاحتياط والتوقّف معاضدة لأدلّة الآخر ، إلاّ أنّ الجميع لا يقاوم أدلّة القول بالإباحة ، كما عرفت وجهه.
واحتجّ المحرّم بأنّه تصرّف في ملك الغير بغير إذنه ، وهو قبيح (٦).
وجوابه : أنّ الإذن معلوم ، أمّا عقلا ؛ فلأنّه لا ضرر على المالك ، كالاستظلال بحائط الغير ، وأخذ أحبّ مملوك قطرة من بحر لا ينزف لمولاه المتّصف بغاية الجود. والتقريب واضح.
__________________
(١) حكاه الفاضل التوني في الوافية : ١٩١ ـ ١٩٢.
(٢ و ٣) يأتيان في ص ٤٢٦.
(٤) في « ب » : « الوجوب ».
(٥) قاله الفاضل التوني في الوافية : ١٩٢.
(٦) حكاه السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٣٣٧ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٥٦.