ويدلّ عليه بعض الآيات أيضا كقوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ )(١) إلخ. وقوله : ( وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ )(٢) إلخ. وما لم يرد به الشرع شبهة ، والحكم فيه بالإباحة قول بغير علم.
و [ الثالثة : ] الدالّة على أنّ لله في كلّ واقعة حكما مخزونا عند أهله (٣) ، والقول بالإباحة فيما لا نعلمه ينافيه (٤).
والجواب عن الأوّل : منع كون ما لا نصّ فيه شبهة ؛ لأنّ المراد من الشبهة في أخبار التثليث ما تعارض [ فيه ] النصّان ؛ لأنّها وردت فيه ، ولو كانت الأخبار الدالّة على الوقف فيما تعارض فيه النصّان دالّة على الوقف فيما لا نصّ فيه ، لكانت الأخبار الدالّة على التوسعة في الأوّل دالّة على الإباحة في الثاني ؛ لأنّ التوسعة في معنى الإباحة.
ومع التسليم نقول : إنّ هذه الأخبار كالصريحة في أنّ الشبهة ليست من المحرّمات ، فلا يكون اجتنابها واجبا ، بل المفهوم منها أنّها لمّا كانت ممّا يفضي إلى ارتكاب المحرّم يكون اجتنابها مستحبّا وارتكابها مكروها.
وما ورد في بعضها من أنّه من ارتكبها ارتكب الحرام أو هلك (٥) ومثله ، فالمراد منه الإشراف على الارتكاب والهلاك ، ومثله متعارف في المحاورات ، كما يقال : من سافر وحده ضلّ عن الطريق ، أو أكله السبع.
والجواب عن الثاني : أنّ القول بالإباحة ليس قولا بغير علم بعد دلالة الأدلّة المتقدّمة (٦).
و [ الجواب ] عن الثالث : أنّ ثبوت حكم لكلّ واقعة في الواقع لا ينافي براءة ذمّتنا ، وعدم تكليفنا به إذا لم يبلغنا ؛ لأنّ التكليف لا يكون إلاّ بعد البيان.
ولو قطع النظر عن ذلك كلّه وقلنا بدلالتها على مطلوبهم ، نقول : الترجيح لأخبار
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ٣٦.
(٢) النساء (٤) : ١٧١.
(٣) راجع وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٤ و ٢٥ أبواب صفات القاضي ، الباب ٤ ، ح ١٢ : « العلم مخزون عند أهله ... ».
(٤) قال الفاضل التوني في الوافية : ١٨٧.
(٥) تقدّم في ص ٣٨٩.
(٦) تقدّمت في ص ٣٨٧ ـ ٣٨٨.