وقوله : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها )(١).
وقوله : ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ )(٢).
وقوله : ( وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ )(٣) ، ووجه الاحتجاج بها ظاهر.
ولنا : حكم العقل بقبح التكليف من غير بيان ؛ لاستلزامه تكليف ما لا يطاق ، والإجماع المعلوم بالتتبّع ، ونقل غير واحد من أجلّة الأصحاب (٤). قال المحقّق :
|
إنّ أهل الشرائع كافّة لا يخطّئون من بادر إلى تناول شيء من المشتهيات ، سواء علم الإذن فيها من الشرع أو لم يعلم ، ولا يوجبون عليه عند تناول شيء من المآكل أن يعلم التنصيص على إباحته ، ويعذرونه في كثير من المحرّمات إذا تناولها من غير علم ، ولو كانت محظورة لأسرعوا إلى تخطئته حتّى يعلم الإذن (٥). |
فإن قلت : مقتضى هذه الأدلّة أنّه لا سبيل للعقل إلى إدراك الأحكام الشرعيّة ، وهذا ينافي ما اخترت فيما سبق (٦) من استقلال العقل في إدراك الوجوب والحرمة العقليّين ، واستلزامهما للوجوب والحرمة الشرعيّين.
قلت : قد سبق (٧) منّا أنّ أمثال هذه الأدلّة لا تفيد أكثر من أنّه لا حكم للعقل فيما لا يقتضي فيه بحسن وقبح ، وهو محلّ الخلاف.
احتجّ المتوقّف بالأخبار الحاصرة بين أقسام ثلاثة :
[ الاولى : ] الدالّة على التثليث (٨) ولزوم الكفّ والتثبّت عند الشبهة (٩).
و [ الثانية : ] الدالّة على المنع عن القول بغير علم (١٠).
__________________
(١) الطلاق (٦٥) : ٧.
(٢) الأنفال (٨) : ٤٢.
(٣) التوبة (٩) : ١١٥.
(٤) راجع : العدّة في أصول الفقه ٢ : ٧٤٢ ، وتهذيب الوصول : ٥٥ ، ومعارج الاصول : ٢٠٤.
(٥) معارج الاصول : ٢٠٥ و ٢٠٦.
(٦ و ٧) تقدّم في ص ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٦ و ٧) تقدّم في ص ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٨) الكافي ١ : ٦٦ ، باب اختلاف الحديث ، ح ٧.
(٩) المصدر ، ح ١٠ ، وتهذيب الأحكام ٥ : ٤٦٦ ، ح ١٦٣١.
(١٠) الكافي ١ : ٤٢ ، باب النهي عن القول بغير علم ، ح ١ و ٢.