يطلقان عليه ، وقد اطلقت عليه في كثير من الأخبار (١) أيضا ، فإدراج الأوّل فيها والحكم فيه بالوقف وإخراج الثاني منها والحكم فيه بالإباحة تحكّم ، مع أنّ صدقها عليه أظهر من صدقها على ما لا نصّ فيه ، كما لا يخفى على العارف بالعرف واللغة.
وتسليم صدق الشبهة عليه وتخصيص الشبهة في أخبار التثليث بالشبهة في نفس الحكم الشرعي لا دليل عليه. ومجرّد دلالة بعض الأخبار على الإباحة في أحدهما دون الآخر لا يصحّح الفرق ؛ لانعكاس دلالة بعض آخر من الأخبار والأدلّة ، مع أنّه لا يلائم ما ذهبوا إليه من القول بالتثليث (٢) ؛ لبداهة أنّ الشبهة في موضوع الحكم الشرعي ليس حلالا بيّنا.
فالحقّ ، ما ذهب إليه الاصوليّون من اتّحاد حكم الشبهتين ، وهو الإباحة فيهما ، واستحباب الاجتناب عنهما (٣).
وكيفيّة التفريع : الحكم بإباحة ماء النهر الذي وقع فيه الشكّ بأنّه مباح أو مملوك. وجواز النظر إلى من شكّ فيه بأنّه ذكر أو أنثى ، أو محرم أو أجنبيّة ، أو حرّة أو أمة. وجواز لبس الثوب المخلوط من الحرير وغيره إذا شكّ في استهلاك الحرير.
وبعضهم رجّح هنا المنع ؛ لوجود الحرير المانع ، والشكّ في المبيح وهو الاستهلاك (٤) ، والأصل عدمه.
ولا يخفى أنّ ما اشتبه فيه موضوع الحكم إمّا أن يكون الأصل فيه الإباحة ويشكّ في سبب الحرمة ، فاللازم فيه العمل بالأصل بلا كلام ، كالمثال الأوّل ، والطائر المقصوص ، وكتعليق أحد رجلين ظهار زوجته بكون الطائر غرابا والآخر بكونه غير غراب ، ولم يمكن استعلام حاله ، فيحكم بعدم وقوع الظهارين ؛ عملا بالأصل (٥). ولو غلب على الظنّ تأثير السبب ، ربّما حكم بالتحريم ، كما لو بال كلب في الماء فوجده متغيّرا.
__________________
(١) راجع الكافي ١ : ٦٨ ، باب اختلاف الحديث.
(٢) حكاهما عنهم السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٣٢٥ ، والبصري في المعتمد ٢ : ٣٢١ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٥٥ ، والفاضل التوني في الوافية : ١٨٨. راجع الفوائد المدنيّة : ١٩٢ و ١٩٣.
(٣) تقدّم في ص ٣٨٧.
(٤) قاله الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٧٠.
(٥) للاطّلاع على المسألة وأمثلتها راجع : القواعد والفوائد ١ : ١٨٢ و ١٨٣ ، وإيضاح الفوائد ٣ : ١١٩ ، ونضد القواعد الفقهيّة : ٤٤٢ ، والأقطاب الفقهيّة : ١٤٨.