كون شيء مزيلا إذا شكّ في كونه كذلك مع القطع بوجوده ، أو في موضوعه بأن يحكم بعدم وجود المزيل القطعيّ مع الشكّ في وجوده ، أو في متعلّقه ، كالحكم ببقاء المعنى اللغوي على حاله إذا شكّ في النقل ، أو فيما لا علاقة له بالأمر الشرعي أصلا ، كالحكم ببقاء رطوبة ثوب إذا شكّ فيها مع سبق العلم بها.
[ الأمر ] الثاني : الأكثر على حجّيّة الاستصحاب مطلقا. والمرتضى (١) والبصري (٢) وأكثر الحنفيّة على نفي حجّيّته كذلك (٣). وبعض المتأخّرين من أصحابنا على حجّيّته إذا كان في موضوع الحكم الشرعي دون نفسه (٤). وبعض آخر منهم على حجّيّته في الحكم الذي كان مغيّا بغاية مخصوصة من زمان أو حالة وشكّ في حصولها ، فيحكم باستمراره إلى أن يقطع بحصولها ، ولا يحكم بنفيه بمجرّد الشكّ في حدوثها (٥). وبعض آخر منهم على حجّيّته في الأحكام الوضعيّة دون الشرعيّة ؛ لجريانه أصالة في الأوّل دون الثاني (٦).
نعم ، يجري فيه بتبعيّة الأوّل ، فالجريان والحجّيّة في الأوّل بالذات ، وفي الثاني بالعرض.
والحقّ عندي الحجّيّة مطلقا ، إلاّ أنّ حجّيّة في بعض المواضع قطعيّة ينتهض فيها مؤسّسا للحكم ودليلا ، وفي بعضها ظنّيّة يصلح فيها تأييدا وترجيحا. وسيظهر لك بعد ذكر هذه المواضع وأدلّته.
[ الأمر ] الثالث : الموارد بالنسبة إلى جواز جريان الاستصحاب فيها وعدمه ثلاثة أصناف :
الصنف الأوّل : ما لا شكّ في إمكان جريانه فيه ، وهو أقسام :
منها : أن يعلم ثبوت حكم شرعي أو وضعي إلى غاية أو حالة معيّنتين وشكّ في حصول ما جعل مزيلا له.
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٣٤٥ و ٣٤٦.
(٢) حكاه عنه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٣٢.
(٣) حكاه الشيخ في العدّة في أصول الفقه ٢ : ٧٥٦.
(٤) قاله السبزواري في ذخيرة المعاد : ١١٥ و ١١٦.
(٥) قاله المحقّق الحلّي في معارج الاصول : ٢٠٦ و ٢٠٩ و ٢١٠.
(٦) قاله الفاضل التوني في الوافية : ٢٠٢ و ٢٠٣.