وفي موثّقة عمّار عن الصادق عليهالسلام : « كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر » (١). وهي بإطلاقها تدلّ على عدم الالتفات إلى الشكّ في حدوث ما يعلم أنّه قذر ، وفي قذارة ما علم حدوثه (٢).
هذا ، مع أنّ الشكّ في موضوع الحكم يستلزم الشكّ في نفسه ؛ فإنّه إذا شكّ في نجاسة ثوب باعتبار ما ، يقع الشكّ في وجوب التنزّه عنه في الصلاة ، فإذا اقتضى الجهل بالموضوع الجهل بنفس الحكم ، اقتضى جريان الاستصحاب وحجّيّته في الأوّل جريانه وحجّيّته في الثاني. وقد بسطنا الكلام في هذا المقام في جامعة الاصول (٣).
واحتجّ من قال بحجّيّته في الحكم الذي كان مغيّا بغاية مخصوصة وشكّ في وجودها دون غيره بأنّ الاعتماد في حجّيّته إنما هو على الأخبار والدليل الثاني ، وهما يدلاّن على حجّيّة هذا القسم دون غيره (٤).
وجوابه : ما عرفت من دلالتهما على حجّيّة أقسام أخر منه.
والإيراد : بأنّه لا فائدة في إجراء الاستصحاب فيها ؛ لثبوت حجّيّتها من النصّ أو الإجماع أو العموم أو الإطلاق ، مشترك ؛ لأنّ القسم الذي ذكره أيضا ممّا يلزم فيه أن يدلّ أحد الأدلّة المذكورة على ثبوت الحكم إلى غاية معيّنة ، كما اعترف به هذا القائل ، فإذا شكّ في زمان في وجودها ، يمكن دفعه بالدليل الذي دلّ على ثبوت الحكم إلى الغاية المعيّنة.
نعم ، يمكن أن يقال : لا يثبت من الدليل استمرار الحكم إلى العلم بوجود الغاية ، بل الثابت منه استمراره إلى وجودها ، وهو أعمّ من العلم بوجودها أو الشكّ فيه ، فربّما قيل : يكفي الشكّ فيه في زوال الحكم ، فلا بدّ لدفعه من ضميمة الاستصحاب ، وهذا لا يأتي في الأقسام التي أجرينا فيها الاستصحاب ، إلاّ أنّك قد عرفت (٥) أنّ عدم الفائدة لا ينافي الوجود والحجّيّة.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٨٤ ، ح ٨٣٢.
(٢) الأوّل في الشكّ في حدوث الرافع ، والثاني في الشكّ في رافعيّة الموجود.
(٣) جامعة الأصول : ١٦٦ وما بعد.
(٤) قاله السبزواري في ذخيرة المعاد : ١١٥ و ١١٦.
(٥) في ص ٤٠٩.