الفارق مطلقا ، أي سواء وجد معه علّة للحكم أم لا.
والذي ينقسم إليه الأصناف التسعة هو الأوّل. والثاني هو القياس في معنى الأصل بالمعنى المذكور ، فإن اريد بالجليّ الثاني وبالقياس بالطريق الأولى ما يرادف القياس في معنى الأصل ، فيتّحدان.
ثمّ كلّ واحد من الأقسام الثمانية عشر إمّا قطعيّ ، وهو ما يقطع فيه بكون الحكم في الأصل معلّلا بالجامع وبثبوته في الفرع. أو ظنّيّ ، وهو ما يظنّ فيه بهما أو بأحدهما. والحاصل ستّ وثلاثون صورة.
وانقسام كلّ من الأقسام المذكورة إليهما مبنيّ على أنّ العلم بنفي الفارق لا يستلزم قطعيّة القياس بالمعنى المذكور.
وربّما ايّد ذلك بأنّا نعلم نفي الفارق بين الهندي والأعرابي في تعلّق الكفّارة بهما إذا وجد مقتضيها ، مع أنّا لا نقطع بكون الوقاع علّة للكفّارة في قضيّة الأعرابي ، بل هو مظنون لنا.
وغير خفيّ أنّه إذا جوّز أن يكون لخصوص الواقعة مدخليّة ، فلا يقطع بنفي الفارق ، وإن لم يجوّز ، يكون حكم الفرع في ثبوت الحكم له حكم الأصل بعينه ، وثبوت الحكم في الأصل إذا كان قطعيّا ومستندا إلى العلّة لا غير ـ كما هو الفرض ـ يستلزم قطعيّة العلّيّة.
نعم ، إذا لم يكن الحكم في الأصل قطعيّا بأن ينحصر ثبوته بعلّة عقليّة تكون علّيّتها له ظنّية ، أو بعلّة شرعيّة ظنّية الطريق وعلم ثبوتها في الفرع ، يمكن حصول العلم بنفي الفارق بينهما من غير قطعيّة القياس بالمعنى المذكور ، وحينئذ يرد القسمة الأخيرة على الأقسام المتقدّمة. وعلى أيّ تقدير ، لا شبهة في استلزام القطعيّة بالمعنى المذكور للعلم بنفي الفارق ، وهو ظاهر.
ثمّ لا يخفى أنّ الجنس الثاني ـ وهو قياس الدلالة ـ وإن لم ينقسم إلى الأنواع المذكورة إلاّ أنّه يمكن انقسامه إلى الأصناف والأقسام والصور المذكورة ، ووجهه ظاهر.
وأمّا الجنس الثالث ـ وهو القياس في معنى الأصل ـ فعلى التفسير الذي ذكرناه (١)
__________________
(١) في ص ٤٣٩.