قيل : كلّ ما نقص بعد الجفاف من الربويّات لا يجوز بيعه بيابسه ، يكون تنقيح المناط ، مع أنّ التعليل فهم نصّا.
هذه هي الأقسام والصور المندرجة تحت قياس راجح التأثير.
وأمّا مرجوح التأثير ، فله أيضا أقسام ؛ لأنّك عرفت (١) أنّه ما عرف الجامع فيه بالاستنباط ، وله طرق :
منها : المناسبة ، ويسمّى إخالة ؛ لأنّه بالنظر إليه يخال أنّه علّة ، وتخريج المناط ؛ لأنّه إبداء مناط الحكم. وحاصله تعيين العلّة في الأصل بمجرّد إبداء المناسبة بينها وبين الحكم من ذات الأصل ، لا بنصّ ولا بغيره.
والظاهر أنّ تعيين العلّة في الأصل بمطلق الاستنباط ـ سواء كان بالمناسبة أو غيرها ـ وإثبات الحكم فيه لأجلها يسمّى تخريج المناط. وإثبات العلّة في الفرع ، يسمّى تحقيق المناط. والقياس بهذا الاعتبار يسمّى « قياس إخالة » ، مثاله ما يقال : علّة تحريم الخمر الإسكار ؛ لأنّه مناسب له ، فالنبيذ حرام ؛ لوجود العلّة المناسبة فيه أيضا.
ومنها : الشبه. وله تفسيرات ، أشهرها أنّه ما يوهم المناسبة وليس بمناسب ، ويسمّى القياس بهذا الاعتبار « قياس الشبه » ، وما لا يوهم المناسبة أصلا يسمّى بالطرد ، ويسمّى القياس بهذا الاعتبار « قياس طرد ». ويمتاز الوصف الطرديّ عن الوصف الشبهيّ بأنّ الطرديّ وجوده كالعدم عند الكلّ.
مثال الشبه : كما يقال في إزالة الخبث : هي طهارة تراد للعبادة ، فتعيّن الماء كالحدث ؛ فإنّ المناسبة بين الجامع وهو (٢) طهارة تراد للعبادة ، وبين الحكم وهو تعيّن الماء غير ظاهرة ، إلاّ أنّ اعتبار الشارع للطهارة المائيّة في بعض الأحكام ـ كمسّ المصحف والصلاة والطواف ـ يوهم المناسبة ، فيكون الجامع وصفا شبهيّا.
ومثال الطرد : الخلّ لا يبنى عليه القنطرة ، ولا يصاد منه السمك ، فلا يزيل الخبث كالمرق ؛ فإنّه لا يتوهّم أحد وجود المناسبة بين الوصف الجامع والحكم هنا ؛ لأنّه ممّا ألغاه الشارع قطعا.
__________________
(١) راجع ص ٤٤٠.
(٢) أي الجامع.