المحالّ دون بعض لأمر لا ندركه.
نعم ، إن علم بشاهد الحال أو القرائن أو النصّ أو العموم أو الإطلاق ، إلغاء قيد الإضافة إلى المحلّ ، فلا ريب في التعدّي.
وبهذا يظهر الجواب عمّا قالوا : إنّ هذا الاحتمال إنّما يتأتّى فيما إذا قال الشارع : « حرّمت الخمر لإسكارها » ، أمّا لو قال : « علّة الخمر هي الإسكار » انتفى ذلك الاحتمال (١) ؛ لأنّ التعميم هنا لمّا كان مستفادا من اللام في الإسكار ، فنحن نقول به ، مع أنّه يمكن أن يقال : اللام فيه للعهد ، فيكون المراد من الإسكار ، الإسكار المعهود.
نعم ، مع التصريح بالإطلاق ينتفي هذا الاحتمال بأن يقول : « حرّمت كلّ مسكر ».
ومنها : أنّ العلّة لو لم تفد تعميم الحكم ـ أي ثبوته أينما ثبت ـ لعري ذكرها عن الفائدة ؛ إذ ثبوته في الأصل قد علم بنيانه مع قطع النظر عن ذكر العلّة (٢).
والجواب : أنّ فائدة ذكرها لا تنحصر في التعميم ؛ إذ بيان المقصود من شرع الحكم من الفوائد.
واحتجّ النافي مطلقا بأنّ من قال : « أعتقت غانما ، لحسن خلقه » لا يقتضي عتق غيره من حسني (٣) الخلق (٤).
وقد اجيب عنه بوجوه (٥) ظاهرة الضعف ، ولذا أعرضنا عنها.
واحتجّ المفصّل الأوّل (٦) بأنّ من ترك أكل شيء لأذاه ، دلّ على تركه كلّ ما يؤذي ، بخلاف من تصدّق على فقير لفقره ، أو للمثوبة ؛ فإنّه لا يدلّ على تصدّقه على كلّ فقير ، أو تحصيله لكلّ مثوبة (٧).
__________________
(١) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١١٨.
(٢) حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٦٠.
(٣) جمع الحسن في حال الجرّ والإضافة.
(٤) قاله الآمدي ونسبه أيضا إلى أبي إسحاق الإسفرائيني وأكثر أصحاب الشافعي وجعفر بن مبشّر وجعفر بن حرب وبعض أهل الظاهر في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٥٨.
(٥) راجع المصدر : ٥٩ ـ ٦٤.
(٦) راجع ص ٤٥٥.
(٧) حكاه الآمدي عن أبي عبد الله البصري في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٥٨.