العلّة ، كقوله : « الزنى يوجب الحدّ » و « السرقة توجب القطع » (١) وهو ليس من القياس أصلا ، بل العمل به عمل بإطلاق النصّ.
المقام الثالث : فيما أثبتوا حجّيّته باعتبار ، ونفوا حجّيّته باعتبار آخر (٢).
وهو ما فهم فيه التعليل بالإيماء ، أو كان الجمع بين الأصل والفرع بعدم الفارق ، فإنّ مجرّد ذلك لا يصحّح التعدّي ، بل إن علمت المساواة بين الأصل والفرع من كلّ وجه ، جاز التعدية ، وإن علم الامتياز ، أو جوّز لم يجز إلاّ مع النصّ على ذلك. ولا ريب أنّ مجرّد الجمع لا يفيد العلم بالمساواة من كلّ وجه ، وكذا مجرّد الإيماء على العلّيّة لا يفيد القطع بكون الوصف علّة وعدم مدخليّة ما عدا تلك العلّة ، فالجمع بين الأصل والفرع بعدم الفارق إن كان مع العلم بالمساواة جاز التعدّي ، كما روي أنّ عليّا عليهالسلام قضى في دابّة تنازعها اثنان وأقاما البيّنة « أنّها لمن شهد له بالنتاج » (٣) ، فإنّا نعلم عدم قصر الحكم على الدابّة ، بل تعدّى إلى كلّ ما حصل فيه هذا المعنى. وإن لم يكن معه لم يجز ، كالجمع بين القتل بالمثقل ، والقتل بالمحدّد.
وكذا ما فهم فيه التعليل بالإيماء إن علم فيه عدم مدخليّة ما عدا العلّة الإيمائيّة في الحكم ، ووجدت في الفرع جاز التعدّي ، كما إذا قال السائل : ملكت عشرين دينارا وحال عليها الحول ، فقال : عليك الزكاة ؛ فإنّا نقطع بأنّ الحكم متعلّق بملك الدنانير ، ولا اعتبار بأوصاف السائل ، فيحكم بأنّ كلّما اتّفق له ذلك ، يثبت له ذلك الحكم ، ومنه قوله عليهالسلام لتمييز دم الحيض عن العذرة « تستدخل القطنة ثمّ تخرجها ، فإن كان مطوّقا في القطنة فهو من العذرة ، وإن كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض » (٤) ؛ فإنّا نقطع بأنّ الحكم يترتّب على التطوّق والاستنقاع ، ولا مدخليّة لأوصاف السائل.
__________________
(١) حكاهما المحقّق الحلّي في معارج الاصول : ١٨٣ ولم نعثر عليهما في كتب الأحاديث.
(٢) قاله الغزالي في المستصفى : ٣٣٩ ، والفخر الرازي في المحصول ٥ : ٢٣٠ ، والمحقّق الحلّي في معارج الاصول : ١٨٥.
(٣) راجع : تهذيب الأحكام ٦ : ٢٣٦ ، ح ٥٨٢ ، والاستبصار ٣ : ٤١ ، ح ١٤١.
(٤) تهذيب الأحكام ١ : ١٥٢ ، ح ٤٣٢.