الإنكار لنقل ؛ لتوفّر الدواعي على نقل مثله (١).
والجواب : أمّا أوّلا : فمنع ثبوت الملزوم ؛ لعدم ثبوت الطرق المذكورة ؛ لأنّ الأخبار المذكورة لم يثبت صحّتها ، بل ثبت عندنا وضعها ؛ لمعارضتها بما هو أقوى ، بل قاطع.
وأيضا دلالتها على المطلوب غير مسلّمة ؛ لاحتمال أن يكون الاستناد في الوقائع المذكورة إلى غير القياس ، فإنّ كلّ واحد منها يحتمل محامل غير القياس من وجوه الاجتهادات وإن كان معنى القياس موجودا فيها.
وأيضا نقول ـ بعد القطع بأنّ طريقة عليّ عليهالسلام لم تكن العمل بالقياس ، فما نسب من خبر الشركة في السرقة إمّا فرية ، أو تمثيل للتنوير ـ : لو سلّم أنّ بعض الصحابة عمل بالقياس ، فلا نسلّم عدم إنكار الباقين ، بل حصل منهم الإنكار في مواضع كثيرة على ما ذكر في المطوّلات وكتب السير ، مع أنّ عدم وصول إنكارهم لا يدلّ على عدمه ؛ لأنّ وجوب استمرار النقل بحيث يتّصل بنا غير ممكن.
وأمّا ثانيا : فمنع الملازمة ؛ لأنّ سكوت الباقين لا يدلّ على الرضى ؛ فإنّه يحتمل الوجوه المتقدّمة في الإجماع السكوتي.
ومنها (٢) : ما استفاض من ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآله العلل في الأحكام (٣) ؛ ليبتني عليها الحكم في غير تلك المحالّ ، لا كالعلل الإيمائيّة المذكورة في الأخبار السابقة.
والجواب : أنّا نمنع أنّ المقصود من ذكرها أن يقاس عليه ، بل يمكن أن يكون ذلك لبيان حكمة الحكم ، ولذا جاز النصّ على العلل القاصرة ، ولذا قيل : إنّ هذا الدليل بالقياس إلى من يمنع القياس المنصوص العلّة (٤) مصادرة على المطلوب ، وبالنسبة إلى غيره نصب الدليل في غير محلّ النزاع. وأيضا يلزم منه جواز الاجتهاد للنبيّ ، وقد ثبت بطلانه عندنا ، كما يأتي (٥).
هذا ، مع أنّه يمكن أن يجاب عن كلّ واحد من أمثال الأخبار المذكورة بوجه على حدة ،
__________________
(١) راجع إحكام الفصول : ٥٢٥.
(٢) أي من الوجوه التي قيلت لحجّيّة القياس المستنبط العلّة.
(٣) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٣٧.
(٤) حكاه الآمدي في المصدر : ٤١.
(٥) يأتي في ج ٢ ، ص ٩٤٨.