معنى كان واجب عند حدوث المعلول ، ولها وجود تقديري ، بمعنى أنّ الشرع قدّر بقاءها إلى وقت حدوث الملك ، وهو عند حدوث الحرف الأخير من الصيغة.
وغير خفيّ أنّ تصفّح جزئيّات المسائل يقوّي مذهب الفقهاء ، وقد تقدّم في بعض المباحث السابقة ما يصلح مثالا له ، ولا ضير فيه ؛ لأنّ أصل الوجود غير لازم للعلل الشرعيّة ـ كما عرفت (١) ـ فضلا عن الوجود الحقيقي.
ومنها : عدم عروض بعض مبطلات العلّيّة لها ، وهي سبعة :
[ المبطل ] الأوّل : النقض وهو وجود الوصف بدون الحكم ، ولا ريب في إبطاله لاطّرادها ـ أي كونها بحيث كلّما وجدت وجد الحكم ـ فإن كان قادحا في العلّيّة ، فالاطّراد من شروطها ، وإلاّ فلا.
وقد اختلف في قدحه وعدم قدحه لها على أقوال (٢) ، ثالثها : أنّه يقدح في المستنبطة دون المنصوصة (٣). رابعها : عكسه (٤). وخامسها : أنّه لا يقدح حيث التخلّف لمانع أو انتفاء شرط ، ويقدح حيث التخلّف بدونهما (٥).
والحقّ أنّه لا يقدح في المنصوصة مطلقا ، ويقدح في المستنبطة إلاّ إذا كان التخلّف لمانع أو انتفاء شرط.
أمّا الأوّل ، فلأنّ المنصوصة ليست بقاطعة لا في محلّ النقض ولا في غيره ، وإلاّ لم يثبت التخلّف ولا التعارض ؛ لتغاير المحلّين ، أو عدم التعارض بين القطعيّين ، والقطعيّ والظنّيّ ، فهي ظاهرة عامّة فيهما (٦) ، فيثبت العلّيّة فيهما بظاهر عامّ ، فجاز تخصيصها بغير صورة
__________________
(١) تقدّم في ص ٤٨٤.
(٢) راجع : تهذيب الوصول : ٢٥٩ ، والمحصول ٥ : ٢٣٧ ، والإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٢.
(٣) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٩.
(٤) حكاه الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٢٣٧ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٩ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ١٤٥ و ١٤٦.
(٥) نسبه الفخر الرازي إلى الأكثر في المحصول ٥ : ٢٣٧ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٢ و ٩٣ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٩ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ١٥٢ و ١٥٣ ونسبه أيضا إلى البيضاوي.
(٦) أي في المقيس والمقيس عليه.