المستقلّة ـ بأنّها إذا اجتمعت دفعة ، فهل كلّ واحدة منها علّة مستقلّة ، أو كلّ واحدة جزء والعلّة المجموع ، أو العلّة واحدة لا بعينها؟ ـ أوسطها.
واحتجّ المفصّل الأوّل (١) على الجواز في المنصوصة بما مرّ (٢) ، وهو لا ينافي ما ذهبنا إليه.
وعلى عدمه في المستنبطة بأنّه إذا اجتمعت أوصاف صالحة للعلّيّة ، فظنّ ثبوت الحكم لأحدهما (٣) أو للمجموع يصرفه عن كلّ واحدة منها ، ولا نصّ يعيّن أحدها ، وإلاّ رجعت منصوصة ؛ فالحكم بعلّيّة كلّ واحدة منها دون واحدة منها ، أو الجزئيّة تحكّم.
وجوابه : إمكان استنباط استقلال علّيّة كلّ واحدة منها بالعقل عند الانفراد (٤) ، بأن يحكم بترتّب الحكم عليه وحده ، فلا تحكّم عنده ، وأمّا عند الاجتماع الدفعيّ ، فيحكم بالجزئيّة دون العلّيّة ، كما ذكر (٥).
واحتجّ المفصّل الثاني على الجواز في المستنبطة بأنّها وهميّة ، فربّما وجدت أوصاف صالحة للعلّيّة ولم يترجّح بعضها على بعض ؛ فيحصل الظنّ بعلّيّة كلّ منها ، وهو لا ينافي ما ذكرناه.
وعلى عدمه في المنصوصة بأنّها قطعيّة ـ أي عيّن الشرع ما هو الباعث ـ فلا يقع فيه التعارض والاحتمال (٦).
وجوابه : أنّه يجوز أن يتعدّد البواعث ، فيعيّن الشرع كلاّ منها ، واجتماعها بتعيّنه لا يوجب تعارضا ولا احتمالا.
واحتجّ القائل بالجواز دون الوقوع بأنّه لو وقع لنقل ولم ينقل ، وادّعى تعدّد الأحكام في الصور المذكورة (٧).
ولا أدري ما دليله على دعواه؟ والتجويز لا يكفيه ؛ لأنّه مستدلّ ، فهي حجّة عليه.
__________________
(١ و ٢) تقدّم في ص ٥١٣. والمفصّل هو الغزالي في المستصفى : ٣٣٦ و ٣٣٧.
(٣) كذا في النسختين. والظاهر : لأحدها أي الأوصاف.
(٤) والمراد به عدم الاجتماع الدفعي وهو الوقوع بالترتيب.
(٥) تقدّم آنفا.
(٦) تقدّم في ص ٥١٣ ، ونسبه المطيعي إلى إمام الحرمين ( الجويني ) في سلّم الوصول المطبوع مع نهاية السؤل ٤ : ١٩٥.
(٧) قالهما ابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٧٦.