كذلك ، فبقي كونها عبادة ، وهو منقوض بصوم الحائض. هذا.
واعلم أنّ ما ذكرناه ـ من تفسير الكسر والنقض المكسور ـ هو ما استقرّ عليه آراء جماعة من المحقّقين (١) ، والأكثرون لم يفرّقوا بينهما ، بل فسّروا الكسر بما فسّرنا به النقض المكسور (٢).
واعلم أنّ المناسب لما ذكرناه أن نسمّي نقض بعض الحكم بالكسر المنقوض ؛ لأنّه بين الكسر والنقض ، فكأنّ المعترض قال : إنّ الحكمة الباعثة لعلّيّة العلّة هو هذا البعض ، وقد وجد في المحلّ بدون الحكم ، فهو كسر لما ادّعاه حكمة من حيث كونها باعثة لعلّيّة العلّة.
وحكمه ظاهر ممّا تقدّم (٣).
[ المبطل ] الرابع (٤) : عدم التأثير ، وهو أن يبقى الحكم بعد الوصف ، أي لا يكون له تأثير في إثبات الحكم. وقد قسّم أربعة أقسام :
[ القسم ] الأوّل : ما يظهر عدم تأثيره مطلقا. ويسمّى عدم التأثير في الوصف ، كما إذا قيل : الصبح لا يقصر ، فلا يقدّم أذانه كالمغرب ، فيقال : عدم القصر لا يؤثّر في عدم تقديم الأذان ، ولذا لا فرق في ذلك بين المغرب وغيره ممّا يقصر ، فهو وصف طرديّ لا مناسبة فيه ولا شبه ، فلا نعتبره. وحاصله مطالبة كون الوصف علّة ، أو إثبات عدم علّيّته.
[ القسم ] الثاني : أن يظهر عدم تأثيره في ذلك الأصل ؛ للاستغناء عنه بوصف آخر. ويسمّى عدم التأثير في الأصل ، كما إذا قيل في بيع الغائب : مبيع غير مرئيّ فلا يصحّ بيعه ، كالسمك في الماء والطير في الهواء ، فيقال : كونه غير مرئيّ وإن ناسب نفي الصحّة إلاّ أنّه لا يؤثّر في نفي صحّة بيع السمك والطير ؛ لأنّ عدم القدرة على التسليم فيهما كاف في منع الصحّة ؛ لعدم الفرق بين المرئيّ وغير المرئيّ فيهما. ومرجعه إلى المعارضة في العلّة بإبداء ما يحتمل أن يكون هي العلّة ، أو إثبات أنّ العلّة ذلك الغير.
[ القسم ] الثالث : أن يظهر عدم تأثير قيد منه ، بأن يتحقّق في الأوصاف وصف لا يكون
__________________
(١) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٥٥ و ٢٥٦ ، وتهذيب الوصول : ٢٦٠ ، ونهاية السؤل ٤ : ٢٠٦.
(٢) راجع : إحكام الفصول : ٥٩٣ ، والإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٦.
(٣) تقدّم آنفا.
(٤) المبطل الأوّل هو النقض ، والثاني هو عدم العكس ، والثالث هو الكسر.