تقدير ، هو إنّما يقدح في العلّيّة إذا لم يجز تعليل الحكم بعلّتين ، وإن جاز ـ كما هو المختار ـ فلا يقدح فيها ، وهو ظاهر.
وهنا مسائل لا بدّ من التنبيه عليها :
[ المسألة ] الاولى : الحقّ جواز كون العلّة مركّبة ، كالقتل العمد العدوان.
أمّا عندنا ، فظاهر ؛ لأنّ المناط في إثبات العلّيّة عندنا هو النصّ ، ولا يمتنع النصّ على علّيّة متعدّد ، وقد وقع ، كما ذكر.
وأمّا عندهم ، فلأنّ المسالك التي يثبت بها علّيّة الواحد ـ من المناسبة والشبه والسبر وغيرها ـ يجوز أن يثبت بها علّيّة المتعدّد ، بأن يتحقّق في ضمن الهيئة الاجتماعيّة من أوصاف متعدّدة ، ويقرن ظنّ العلّيّة بها (١).
وذهب شرذمة قليلة إلى أنّ العلّة يجب أن تكون وصفا واحدا.
واحتجّوا عليه بأنّ العلّيّة صفة ، والصفة يجب قيامها بالموصوف ، وإلاّ لم تكن صفة له ، فالموصوف إن كان ذا أجزاء ، فإمّا أن يقوم بكلّ جزء ، فكلّ جزء علّة ، وهو خلاف المفروض. أو بواحد منها فهو العلّة. أو بجميع الأفراد ، فيلزم أن يقوم بكلّ جزء جزء منها ، فينتقض الصفة العقليّة وهو باطل. أو بالمجموع من حيث هو مجموع ، بأن يتعلّق بها جهة واحدة يتحقّق بها المجموع من حيث هو ، وهي أيضا صفة ، فينقل الكلام إليها ويتسلسل.
وبأنّ عدم كلّ جزء علّة لعدم العلّيّة ؛ لأنّ تحقّقها يتوقّف على تحقّق جميع الأجزاء ، فإذا انتفى جزء ينتفي العلّيّة ، فإذا انتفى جزء آخر يلزم تحصيل الحاصل ، أو تخلّف معلوله وهو انتفاء العلّيّة عنه (٢).
__________________
(١) منهم : الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٣٠٥ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٢٠ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٢٨٨.
(٢) حكاه الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٣٠٥ ـ ٣٠٨ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٢٨٨ ـ ٢٩٠ ، والمطيعي في سلّم الوصول المطبوع مع نهاية السؤل ٤ : ٢٨٩.