فيرتقي أنواع الاعتراضات على (١) ستّة وعشرين. وسنشير في موضعه إلى أنّ السبعة المتقدّمة تندرج تحت أيّ جنس من السبعة.
الجنس الأوّل ـ وهو ما يتعلّق بالتفهيم ـ : الاستفسار
وهو ينحصر في نوع واحد ؛ إذ لا يتصوّر ثمّة إلاّ طلب الإفهام ، وهو يرد على جميع الأدلّة وجميع المقدّمات ، وعلى المدّعى أيضا. وأصله طلب الفسر ، أي الوضوح. والمراد منه هنا السؤال عن معنى اللفظ ، وإنّما يسمع إذا كان في اللفظ إجمال أو غرابة ، ولذا قيل : ما يمكن فيه الاستبهام حسن فيه الاستفهام (٢) ، وبدونه لا يلتفت إليه وإلاّ تسلسل. وبيان الإجمال على المعترض بأن يبيّن صحّة إطلاقه على معنيين أو أكثر ، ولا يكلّف بيان التساوي ـ وإن لم يحصل الإجمال إلاّ به ـ لعسره.
نعم ، لو بيّنه تبرّعا ـ بأنّ التفاوت يستدعي ترجيحا بأمر والأصل عدم المرجّح ـ كان حسنا. وإنّما البيان عليه ؛ لأنّ المستدلّ يكفيه أنّه خلاف الأصل ، فإذا ادّعاه المعترض ، فهو مدّع والتنبيه عليه.
وجوابه (٣) بيان ظهوره إمّا باشتهاره عند أهل اللغة ، أو الشرع ، أو بالنقل عنهما ، أو بالعرف العامّ أو الخاصّ ، أو بالقرائن المنضمّة إليه ، أو يفسّره بما يحتمله اللغة أو الشرع ، وإلاّ كان من جنس اللعب. أو بأن يقول على رأي يلزم ظهوره في أحدهما ، وإلاّ لزم الإجمال ، وهو خلاف الأصل ، أو يلزم ظهوره فيما قصدت (٤) ؛ لعدم ظهوره في الآخر اتّفاقا ، فلو لم يكن ظاهرا فيما قصدت (٥) ، لزم الإجمال ، وهو خلاف الأصل. وأمثلة الجميع ظاهرة.
الجنس الثاني : ما يتعلّق بالتمكّن من القياس
وهو على نوعين :
[ النوع ] الأوّل : فساد الاعتبار ، وهو مخالفة القياس للنصّ ، بأن يدّعى أنّ القياس مطلقا
__________________
(١) كذا في النسختين. والأولى : « إلى ».
(٢) حكاه الآمدي عن القاضي أبي بكر في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٧٣.
(٣) أي جواب الاستفسار والجنس الأوّل.
(٤ و ٥) كذا في النسختين ، والأولى : « قصد ».