لا يعتبر في هذه المسألة ، ولا يصحّ الاحتجاج به فيها ؛ لدلالة النصّ على خلافه ، والقياس فاسد الاعتبار في مقابلة النصّ.
وجوابه : الطعن في سند النصّ إن أمكن. أو منع ظهوره في مقصود المعترض. أو تسليم ظهوره وادّعاء التأويل ، وعدم كون ظاهره مرادا لتخصيص ، أو إضمار ، أو مجاز بدليل يرجّحه ، كما إذا قال الشافعي في ذبح تارك التسمية : ذبح من أهله في محلّه ، فيوجب الحلّ كذبح ناسي التسمية. فإن اعترض عليه بفساد اعتباره لمخالفته لقوله تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ )(١) فنقول : هذا مأوّل بذبح عبدة الأوثان ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله : « اسم الله على قلب المؤمن سمّى أو لم يسمّ » (٢).
أو (٣) القول بالموجب ، بأن يسلّم النصّ ويدّعي أنّ مدلوله لا ينافي القياس.
أو المعارضة بنصّ آخر حتّى يتساقط النصّان ، فيسلّم القياس.
أو بيان أنّ قياسه ممّا يجب ترجيحه على النصّ ببعض الوجوه المرجّحة ، كما إذا رجّح الشافعي قياسه على النصّ بعد الاعتراض المذكور ، بأنّ فرعه ـ وهو المتذكّر ـ مقيس على الناسي المخصّص عن هذا النصّ بالإجماع. فإن أبدأ المعترض فارقا بين الأصل والفرع ، كان سؤالا آخر ؛ لأنّه من قبيل المعارضة.
واعلم أنّ الأقيسة تختلف في القوّة والضعف. والنصوص أيضا تختلف فيهما لوجوه منها كثرة العدد وقلّته. وكذا الأقيسة تختلف في الحجّيّة وعدمها على قواعد الفريقين. فاللازم في صورة ادّعائه فساد الاعتبار ملاحظة القياس والنصّ ، والترجيح على ما يقتضيه مذهب المتناظرين ، مثلا في صورة الجواب بالمعارضة لو عارضه المعترض بنصّ آخر حتّى يعارض أحد نصّيه نصّه ، والآخر القياس ، يسمع منه ؛ لأنّ النصّ الواحد لا يكافئ النصّين إذا لم يكن له ترجيح من وجوه أخر. والقول بعدم سماعه ضعيف. هذا.
وفساد الاعتبار قد يرد في غير القياس أيضا ؛ لأنّه دعوى عدم اعتبار الدليل في مسألة ؛
__________________
(١) الأنعام (٦) : ١٢١.
(٢) الدرّ المنثور ٣ : ٣٤٩ ، ذيل الآية ١٢١ من الأنعام (٦) باختلاف يسير.
(٣) هذا وما بعده عطف على « الطعن ».