وكذا على القول بحسن الظاهر يكون غير ذي ملكة الفسق ، المجتنب عن الذنوب والمعاصي لعذر ، واسطة.
وحيث إنّ الظاهر المتبادر من الفسق أحد الأخيرين ، بل الأوّل منهما ، فالظاهر وجود الواسطة هذا بحسب الواقع ، وأمّا بحسب الحكم في الظاهر فسيأتي الإشارة إلى ما يقتضيه الأصل منهما.
البحث الثاني : قد علمت أنّ اجتناب المعصية جزء العدالة أو لازمها.
واختلفوا في أنّ المعتبر هو الاجتناب عن جميع المعاصي من الكبائر والصغائر ، أو من الكبائر فقط. وهذا الخلاف بعد اختلافهم في تقسيم الذنوب إليهما.
والمعروف بين أكثر المتأخّرين بل عامتهم الانقسام إليهما. وإليه ذهب كثير ممّن تقدم ، بل عن الصيمري والبهائي الإجماع عليه. وعن جماعة من القدماء كالحلبي والقاضي والشيخ في العدّة والطبرسي أنّ الذنوب كلّها كبائر ، بل عن الأخير نسبته إلى الأصحاب ، مشعرا بدعوى الإجماع عليه (١).
والظاهر أنّ مراد هؤلاء أن ليس للذنوب معيارا معيّنا محدّدا يعدّ به الكبائر والصغائر على الإطلاق ويختلف بهما الأحكام الشرعية ، كالقدح في العدالة ونحوه ، لا أن ليس لها اختلاف في الشدة والضعف وزيادة العقاب ونقصانه ، فإنّ من الضروريّ أن ليس عقاب ترك ردّ السلام كقتل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهدم الكعبة.
وبهذا يختلف الذنوب في الكبر والصغر بإضافة بعضها إلى بعض ، كما نبّه به
__________________
(١) الحلبي في الكافي : ٤٣٥ ؛ والقاضي في المهذب البارع ٣ : ٥٥٢ ؛ والشيخ في العدّة : ٣٧٩ ؛ والطبرسي في مجمع البيان ٣ : ٣١.