ثالث بوجوب اعتقاد لزوم اللازم وجواز الجائز ، وعن رابع حمله على الرخصة ونفي الحظر.
أقول : قد علمت أن المراد بالعقود أجناس العقود الموظفة بخصوصها ، فمعنى الوفاء بها الذي تعلّق به الأمر ترتّب الأثر على العقد على حسب توظيفه ، فقد يكون الأثر مقيّدا بمدّة معينة كالإجارة والنكاح المنقطع ، وقد يكون مستداما بحيث لا ينقطع بسبب متجدّد ، كالتحرير والوقف على الجهة ، وقد يكون مستداما إلى أن يتجدّد السبب ، فقدره (١) على أن يزول به ، وهذا السبب إمّا مما هو ليس لقصد المتعاقدين مدخل في زوال الأثر به ، كالارتداد للزوجية في النكاح الدائم ، أو له مدخل ، إمّا من أحدهما كالطلاق والفسخ من ذي الخيار ، أو بشرط توافقهما كالإقالة ، فمعنى الوفاء بالعقد ترتّب الأثر على حسب ما قدر في الشرع من أحد هذه الوجوه ، فلا ينافي وجوب الوفاء بمقتضى العقد لشرعية السبب الرافع وزوال الأثر به ، وينقدح من هذا أن الآية لا تدلّ على لزوم العقد ، بل على مجرّد تأسيس الصحّة ، وإن أفاده الاستصحاب عند الشك في السبب المزيل ، وأنّ الصواب هو التفسير الثاني مع ما في الأخيرين من تجوّز بعيد يدفعه الأصل.
المطلب الثالث : في بيان ما يقتضيه الأصل من لزوم الصيغة أو عدمه في المعاملات ، ثم ما يقتضيه على تقدير اللزوم في شرائطها من الخصوصيات والكيفيات الخاصّة ، فهنا بحثان :
البحث الأوّل : في أنّه هل يلزم الصيغة أو يكفي المعاطاة.
فنقول : قد تبيّن في المطلب الأوّل أصالة فساد العقود والمعاملات أوّلا ، وفي الثاني انقلاب هذا الأصل في العقود الموظفة المعلومة بأجناسها إلى أصل الصحّة ، وعلى هذا فالشكّ إن رجع
__________________
(١) كذا.