الشخصية الموجودة ، وموضوعية كلّ منها إنما هي بوجود نفسه من حيث كونه مصداقا لهذا العنوان الكلّي ، فيشترط في بقاء موضوعيته أمران :
أحدهما : وجود نفسه. وثانيهما : بقاء وصف العنوان له.
وحيث إنّ كل شيء موجود ، فتشخّصه وبقاء نفسه إنّما هو بحقيقته النوعية ، دون مجرّد مادّته الهيولائية ، كما دلّت عليه الحكمة العقلية ، ويساعده الصدق العرفيّ ، فارتفاع الموضوع الذي تدور به الحكم في كل فرد ، إمّا بارتفاع عنوان الموضوع الكلّي ، وإن لم يتبدّل به حقيقة الفرد ، كصيرورة الخمر خلّا ، أو تبدّل الحقيقة الفردية ، وإن كان العنوان الكلّي باقيا ، كصيرورة الحطب المتنجّس رمادا ، أو الغذاء المتنجّس لحم الحيوان الطاهر.
وأمّا إذا لم يتبدّل الحقيقة ، ولا العنوان المذكور ، وإن انقلب له وصفا آخر إلى غيره ، كصيرورة اللبن النجس إقطا أو سمنا ، والحنطة النجسة دقيقا ، فالموضوع باق والحكم تابع له.
ومن هذا يظهر وجه الفرق بين الاستحالة والانقلاب المطهّرين ، فإنّ المقصود من الأوّل تبدّل الحقيقة ، ومن الثاني تبدّل الوصف الدخيل في الموضوعية.
وينقدح من هذا ـ أيضا ـ وجه الفرق في الحكم ببقاء النجاسة في تبدّل لبن نجس العين سمنا ، وزوالها بتبدّل عظمه رمادا ، كما عليها الاتفاق ، وليس الفارق إلّا تبدّل الحقيقة ، وإلّا فعنوان خصوص اللبنية أو العظمية غير دخيل في العنوان الكلّي من غير فرق بينهما.
ولعلّ قولهم : الأحكام تابعة للأسماء ، كان ناظرا إلى خصوص تغيّر الموضوع ، بالاعتبار الأوّل ، أعني اسم ما جعل عنوانا للموضوع الكلّي. وكيف كان ، فهو غير مناف لتبعية الحكم للجهة الثابتة أيضا ، والقاعدة الجامعة لهما ، ما اتّفقوا عليه من