نعم ، هنا كلام آخر ، هو أنّه على كفاية التقابض في البيع ، فهل يلزم قصد البيع منه ، أو ينصرف إليه مجرّدا عن القصد؟ وسنشير إليه في آخر البحث. وكيف كان ، فالأقوى عدم اشتراط الصيغة في الصحّة ، وإفادة مطلق الملك ، واشتراطها في اللزوم.
أمّا الأوّل ، فلوجوه :
أحدها : إطلاق البيع في العرف والعادة على التقابض بقصد التمليك بغير الألفاظ المخصوصة المقصودة بها إنشاء البيع إطلاقا شائعا لا يصحّ سلبه عنه ، فيثبت به الحقيقة عرفا ، وبضميمة الأصل ، لغة ، فيحمل عليه ما في الكتاب والسنّة ، لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية ، بل الظاهر كما عليه الإجماع في المصابيح عدمها ، فيتناوله عموم قوله تعالى ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١) ونحوه ، مثل ما في صحيح جميل وغيره : « من ابتاع شيئا فهو له » (٢).
وثانيها : جريان السيرة القطعية المستمرّة على معاملة المأخوذ حسب المعاطاة معاملة الأملاك عينا وثمنا في جميع التصرّفات التي منها ما لا يصحّ وقوعه إلّا من المالك ، كالنقل والعتق ووطء الجارية ونحوها ، وغير التصرّفات ، كالإرث والفقر والغنى واستطاعة الحج والزكاة والخمس وغيرها ، معتضدا بنقل الإجماع المتقدّم عن الكركي (٣) والظاهر من غيره على كونه بيعا.
وثالثها : الإجماع القطعي على إباحة التصرف بها ، ولم ينقل الخلاف فيها إلّا عن الفاضل في النهاية (٤) ، وقد رجع عنه في كتبه المتأخرة (٥).
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٥.
(٢) لم نقف عليه بهذه العبارة.
(٣) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.
(٤) نهاية الإحكام ٣ : ٤٤٩.
(٥) مختلف الشيعة ٥ : ٣٤٨.