البحث الرابع : يتوقّف العدالة الشرعية على صحّة المذهب ، فيشترط فيها الإسلام والإيمان ، كما صرّح به العلّامة (١) ، وصاحب المعالم في المنتقى (٢) ، ووالدي العلّامة (٣) وغيرهم ، وإن لم نقل بتوقّف معناها المعروف في علم الأخلاق ـ أعني تعديل القوى النفسانية ـ عليه ، مع أنّ فيه كلاما أيضا ، إذ من القوى القوّة العاقلة ، وتعديلها بحصول ملكة العلم الذي هو الاعتقاد المطابق. والدليل عليه من وجوه :
منها : الأصل ، فإنّ العدالة بهذا المعنى أمر توقيفيّ يقتصر فيه على موضع الاتفاق والنصّ ، والأوّل ظاهر الاختصاص بالمسلم والمؤمن ، وكذا الثاني ، لاختصاص الأخبار المتقدّمة ـ باعتبار تضمّنها لوجوب الأخوة وقبول الشهادة ـ بأهل البصيرة في الدين ، ويمكن إجراء الأصل في المشروط له أيضا.
ومنها : أنّ فعل الكبيرة قادح في العدالة ، وأيّ كبيرة أعظم من الكفر ، أو متابعة الإمام الجائر ، والردّ على المنصوب من قبل الله سبحانه ، مع تواتر الكتاب والسنة في خلود المتّصف بهما في النار ، بل يدلّ عليه خصوص ما في جملة من الأخبار من عدّ الشرك والكفر بالله سبحانه من الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار ، بل من أكبر الكبائر ، وما في روايتي أبي الصامت المروية في التهذيب (٤) ، وعبد الرحمن بن كثير المروية في الفقيه (٥) ، من عدّ إنكار حقوقهم ، من الكبائر السبع.
__________________
(١) مختلف الشيعة ٨ : ٤٩٨.
(٢) منتقى الجمان ١ : ٥ وأيضا في معالم الأصول : ٢٠٤.
(٣) مستند الشيعة ٢ : ٢٢٦.
(٤) التهذيب ٤ : ١٥٠ ، الباب ١ ، الرواية ٣٩.
(٥) الفقيه ٣ : ٥٦١ ، الباب ٢ ، الرواية ٤٩٣١ ؛ ورواه في الوسائل ١٥ : ٣٢٦ ، الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس ، الرواية ٢٠٦٤٩.