بإناطة الأحكام بأسبابها الظاهرة ، والكشف عنها في مقام الالتباس بالطرق المعهودة الميسّرة لعامة الناس ، وجعل المدار في المعاملات على العقود ، انتهى.
وأمّا في الأخيرة فمقتضى أصل الحقيقة الحمل على المعنى اللغوي على كون بيان الشرع بتقرير ما تداول بين الناس قبل الشرع ، كما تقدّم بيانه ، فيقتضي الإطلاق عدم اشتراط الصيغة إلّا أن يدلّ دليل على الاشتراط في الصحّة أو اللزوم ، كما لعله الإجماع في اللزوم ، كما سنشير إليه ، وذلك كالبيع الذي دلّ على شرعيته إطلاق قوله سبحانه ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) ونحوه ، المحتمل لكونه باقيا على معناه اللغوي والعرفي ، الذي يعمّ مجرّد التقابض لقصد البيع الخالي عن الصيغة ، للتبادر وعدم صحّة السلب المثبت للغة ، بضميمة أصل عدم النقل.
ومن هذا نشأ الخلاف المشهور في صحّة المعاطاة في البيع وعدمها ، بل مال بعض المحققين إلى لزومها ، وحيث طال فيها التشاجر والتنازع ، رأيت أن أبيّن جليّة الحال فيها ، فنقول : اختلفوا في التقابض والمعاطاة على وجه المعاوضة من دون صيغة على أقوال :
الأوّل : أنّه بيع لازم نسب إلى المفيد فيما قال : « وينعقد البيع على تراض بين الاثنين فيما يملكان التبايع له إذا عرفاه جميعا ورضيا بالبيع وتقابضا وافترقا بالأبدان » (١).
وفي المسالك (٢) إلى بعض معاصريه إلّا أنّه اشترط كون الدال على الرضا لفظا.
واختاره من متأخري المتأخرين المحقق الأردبيلي (٣) ووالدي العلّامة (٤) ، وفاقا
__________________
(١) المقنعة : ٥٩١.
(٢) مسالك الأفهام ٣ : ١٤٧.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٨ : ١٣٩.
(٤) مستند الشيعة ٢ : ٣٦١.